قال كعب: فوالله ما أنعم الله علي من نعمة قط بعد أن هداني للإسلامي بأعظم في نفسي من صدقي رسول الله ﷺ يومئذ ألا أكون كذبته فأهلك كما هلك الذين كذبوه، إن الله قال للذين كذبوا حين أنزل الوحي شر ما قال لأحد، وقال الله: ﴿سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (٩٥) يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (٩٦)﴾.
قال كعب: وكنا تخلفنا أيها الثلاثة عن أمر أولئك الذين قَبل منهم رسول الله ﷺ حين حلفوا له، فبايعهم واستغفر لهم، وأرجأ رسول الله ﷺ أمرنا حتى قضى الله فيه، فبذلك قال الله ﷿: ﴿وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا﴾ وليس الذي ذكر الله مما خلفنا، تخلفنا عن الغزو، وإنما هو تخليفه إيانا، وإرجاؤه أمرنا عمن حلف له واعتذر إليه فقبل منه (١). [صحيح]
• عن الحسن؛ قال: لما غزا رسول الله ﷺ تبوك تخلف كعب بن مالك، وهلال بن أمية، ومرارة بن الربيع، قال: أما أحدهم؛ فكان له حائط حين زها قد فشت فيه الحمرة والصفرة، فقال: غزوت وغزوت وغزوت مع النبي ﷺ، فلو أقمت العام في هذا الحائط فأصبت منه، فلما خرج رسول الله ﷺ وأصحابه دخل حائطه، فقال: ما خلفني رسول الله ﷺ وما استبق المؤمنون في الجهاد في سبيل الله إلا ضن بك أيها الحائط، اللهمّ إني أشهدك أني تصدقت به في سبيلك. وأما الآخر؛ فكان قد تفرق عنه من أهله ناس واجتمعوا له، فقال: غزوت مع رسول الله ﷺ وغزوت، فلو أني أقمت العام في أهلي، فلما خرج رسول الله ﷺ
(١) أخرجه البخاري في "صحيحه" (٨/ ١١٣ رقم ٤٤١٨، ص ٣٤١، ٣٤٢ رقم ٤٦٧٦، ص ٣٤٢، ٣٤٣ رقم ٤٦٧٧، ٤٦٧٨)، ومسلم في "صحيحه" (٤/ ٢١٢٠ - ٢١٢٨ رقم ٢٧٦٩).