وقال ابن يونس بإثر كلامه في " العُتْبِيَّة ": وكذلك عندي هذه القارورة المملوءة بدرهم وملأها ثانية بدرهم هو خفيف؛ لأنه كالمرئي المقدر، ولو قاله قائل في الغزارة ما أبعد، ولكنه في القارورة أبين؛ لأنه لا يختلف ملؤها فليس فيه كبير خطر.
ابن عبد السلام: المعنى الذي أشار إليه في الرواية أنسب، وأجرى على القواعد، فإذا تأملته فهمت الجواب عن كلام ابن يونس.
وبهذا أجاب ابن عرفة وزاد: ذكر المازري أن بعضهم فرق بين الغرارة والسلة بأن القمح مكيل، فملء الغرارة منع بيع بمكيال مجهول والعنب غير مكيل فلم يكن ملء السلة منه كذلك.
قوله:(ونَقْدٍ، إِنْ سُكَّ، والتَّعَامُلُ بِالْعَدَدِ، وإِلا جَازَ) الفرق بين المسكوك وغيره ظاهر، والفرق بين تعامل العدد والوزن أنه إذا كان التعامل بالعدد كانت الآحاد مقصودة، وإذا كان التعامل بالوزن يصير المقصود مبلغ الوزن، ولا غرض في الآحاد حينئذ، فهو كغير المسكوك من الثمن، فيجوز بيعه جزافاً، على هذا التعليل اقتصر ابن عبد السلام؛ ولكن قال: فيه نظر؛ لأن ما يتعامل به وزناً من المسكوك كثيراً ما يرغب في كثرة آحاده؛ لأنه يسهل به شرّاء السلع اليسيرة الثمن كنصف الدرهم وربعه، فعلى هذا التقدير تكون آحاده مقصودة فلا يجوز بيعه جزافاً، وفي هذه المسألة طرق، وقد استوفاها ابن عرفة.
وجِزَافِ حَبٍّ مَعَ مَكِيلٍ مِنْهُ، أَوْ أَرْضٍ.
قوله:(وجِزَافِ حَبٍّ مَعَ مَكِيلٍ مِنْهُ، أَوْ أَرْضٍ)(جزاف): عطف على قوله: (لا غَيْرِ مَرْئِيٍّ) وأرض عطف على الضمير في منه، ومراده: أنه لا يجوز اجتماع جزاف مما أصله أن يباع كيلاً كالحب مع مكيل منه أو مع مكيل مما أصله أن يباع جزافاً كالأرض.