للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بـ (صحّ)، ومراده الموسر به والمعسر به، فحذف الباء، واستكنّ الضمير فِي اسم المفعول، ويحتمل أن تتعلّق هذه الحروف بضمير الضمان المستتر فِي (صحّ) عَلَى قول من يرى ذلك من النحاة، وهو خلاف ما جزم به ابن مالك فِي " الكافية " إذ قال:

وأهمل المضمر والمحدود ... ومصدر فارقه التوحيد

ويعني: أن المديان إِذَا كَانَ موسراً ببعض الدين، ومعسراً ببعضه كالنصف مثلاً فإنه يجوز أن يعطيه ضامناً بأحدهما خاصة، كما لو قضاه النصف الذي هو به موسر، وأعطاه حميلاً بالنصف [الذي] (١) هو به معسر، إذ لا مانع من ذلك، وكذلك لو أخرّه بنصف الدين، وأعطاه بهذا النصف الذي أخره به حميلاً، وأبقى النصف الثاني عَلَى الحلول لجاز ذلك؛ لأنه يعود الأمر فِيهِ إلى الصورة التي قبله؛ لأن له طلب ذلك النصف الذي لَمْ يؤخره به والفرض أنّه موسر به.

وأما لو أخّره بالجميع عَلَى أن أعطاه حميلاً بالجميع أَيْضاً ما جَازَ ذلك؛ لأنه سلفٌ جرّ منفعة، ألا ترى أنّه مسلف للنصف الذي الغريم به موسر لتأخيره إياه عَلَى حميل به، وبالنصف الثاني، وذلك نفع فِي النصف الذي هو به معسر (٢)، وأصل هذا للخمي وابن رشد، وهكذا قرره ابن عبد السلام، إِلا أنّه جعل فِي منع ضمان الجميع نظراً إِذَا فرضنا أن حاله فِي العسر لا تنتقل إلى اليسر فِي ذلك الأجل قال: لأنه لو كَانَ موسراً بالجميع لجازت المسألة ولو كَانَ معسراً لا يقدر عَلَى قضاء شيء من دينه لجازت المسألة أَيْضاً.

وأما إن كَانَ ينتقل إلى اليسر قبل انقضاء الأجل فلا شكّ فِي المنع عَلَى أصل ابن القاسم فِي المسألة السابقة. قال ابن عرفة: لا يخفى عَلَى منصفٍ سقوط احتجاجه عَلَى ما زعمه من النظر؛ لأنه إِذَا كَانَ معسراً بالجميع فلا عوض عن الحمالة بوجه، وإِذَا كَانَ موسراً بالبعض فالعوض عنها موجود وهو تأخيره بالبعض الذي هو به موسر، فيدخله ضمان بجعل وسلف جر منفعة، حسبما قرره غير واحد. انتهى، واعتراضه عَلَيْهِ بيّن. والله تعالى أعلم.


(١) ما بين المعكوفتين زيادة من: (ن ١)، و (ن ٢)، و (ن ٣).
(٢) في (ن ٣): (موسر).

<<  <  ج: ص:  >  >>