للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قلت: إن سلمنا عوده عَلَيْهِ ولم نرده للغائب من الشريكين المفهوم من السياق فقصاراه أنّه من باب: عندي درهم ونصفه، وقد قيل بنحو هذا فِي قوله تعالى: {اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ} [العنكبوت:٦٢] وفِي قوله سبحانه: {وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ} [فاطر:١١]. والله تعالى أعلم.

ولِكُلٍّ أَجْرُ عَمَلِهِ لِلآخَرِ.

قوله: (ولِكُلٍّ أَجْرُ عَمَلِهِ لِلآخَرِ) كأنه أطلق أجر العمل عَلَى حقيقته ومجازه، فحقيقته الأجرة التابعة للعمل، ومجازه الربح التابع للمال، وسهل له هذا قرينة قوله: (ولكل)؛ لدلالته عَلَى الجانبين.

ولَهُ التَّبَرُّعُ، والسَّلَفُ، والْهِبَةُ بَعْدَ الْعَقْدِ، والْقَوْلُ لِمُدَّعِي التَّلَفِ والْخُسْرِ، ولآخِذٍ لائِقٍ لَهُ.

قوله: (ولَهُ التَّبَرُّعُ، والسَّلَفُ، والْهِبَةُ بَعْدَ الْعَقْدِ) مثله لابن الحاجب (١)، وفسّره ابن عبد السلام بأن اختلاف نسبة الربح والعمل مع رأس المال إنما يفسد الشركة إن كَانَ شرطاً فِي عقدها، ولو تبرع به أحدهما بعده جَازَ. قال: وهو بيّن فِي شركة الأموال؛ لأن المذهب لزومها بالعقد دون الشروع، واختلف فِي شركة الحرث: هل هي كشركة الأموال؟ وهو قول سحنون، أو لا تلزم إِلا بالعمل وهو قول ابن القاسم، ففي هذه يصعب التبرع بعد العقد وقبل الشروع، وإن كَانَ ظاهر نصوصهم أن ذلك لا يقدح فِي صحتها.

قال ابن عرفة: قول ابن عبد السلام: إن المذهب لزوم الشركة بالعقد دون الشروع وهو مقتضى (٢) قول ابن الحاجب: يجوز التبرع (٣) بعد العقد. خلاف قول ابن رشد فِي سماع ابن القاسم أنها من العقود الجائزة، وهو مقتضى (٤) مفهوم السماع أنّه إن شرط ذلك


(١) عبارة ابن الحاجب: (وأما لو تبرع أحدهما بعد العقد فجائز من غير شرط وكذلك لو أسلفه أو وهبه) انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص: ٣٩٤.
(٢) في (ن ١): (ما اقتضى).
(٣) في الأصل، و (ن ٢)، و (ن ٣): الشروع).
(٤) في (ن ١): (ما اقتضى).

<<  <  ج: ص:  >  >>