للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بعد العقد لا يجوز، ونحوه قوله فِي " المقدمات ": هي من العقود الجائزة لكلّ منهما أن ينفصل عن شريكه متى شاء (١). ولهذه العلّة لَمْ تجز إِلا عَلَى التكافؤ (٢) والاعتدال؛ لأنه إن فضل أحدهما صاحبه فِيمَا يخرجه فإنما سمح بذلك رجاء بقائه معه عَلَى الشركة فصار غرراً.

وجاز فِي المزارعة كون قيمة ما يخرجه أحدهما أكثر مما يخرجه الآخر عَلَى قول سحنون؛ لأن المزارعة تلزم بالعقد، وقاله ابن الماجشون وابن كنانة وابن القاسم فِي كتاب ابن سحنون، ولا يجوز ذلك فِيهَا عَلَى قول من يرى أنها لا تلزم بالعقد، وهو معنى قول ابن القاسم فِي " المدونة " ونص سماع أصبغ. انتهى.

وذكر فِي " التوضيح " أول الباب ما فِي " المقدمات " وَقال نحوه للخمي، ونسب لابن يونس وعياض و " مفيد الحكام " (٣) أنها تلزم بالعقد، وتأوله باعتبار الضمان أي: إِذَا هلك شيء بعد العقد يكون (٤) ضمانه منهما وإن لَمْ يخلطا قال: فإن قيل يلزم منه مخالفة قوله فِي " المدونة ": وإن بقيت كلّ صرة بيد صاحبها حَتَّى ابتاع بها أمة عَلَى الشركة فالأمة بينهما والصرة من ربها (٥).

فالجواب: قد قيّد اللخمي ذلك بما إِذَا كانت الصرة فِيهَا حق توفِيهِ من وزن أو انتقاد، وقال: " أما لو وزنت وانتقدت وبقيت (٦) عند صاحبها عَلَى وجه الشركة فضاعت لكانت مصيبتها منهما؛ لأن الخلط عنده ليس بشرطٍ في الصحة "، هذا نصّ اللخمي، وهو يدل لما قلناه، وأَيْضاً فلجعله الأمة بينهما. انتهى ما فِي " التوضيح " (٧) فليتأمل.


(١) انظر: المقدمات الممهدات، لابن رشد: ٢/ ٢١١.
(٢) في (ن ٣): (التكلف).
(٣) قال محقق التوضيح: (الصواب: " معين الحكام ") قال: ولا يوجد ما ذكر في مفيد الحكام، وكذلك في نسختين من مخطوط التوضيح. قلت: ومعين الحكام هو لإبراهيم بن الحسين بن عبد الرفيع، توفي سنة (٧٣٤). انظر: انظر التوضيح، لخليل بن إسحاق: ٨/ ٦٥٣، وانظر: هداية العارفين.
(٤) في الأصل، و (ن ٢): (بكونه).
(٥) انظر: تهذيب المدونة، للبراذعي: ٣/ ٥٦١، ونصّها: (وإن بقيت كل صرة بيد ربها حتى ابتاع بها أحدهما أمة على الشركة، وتلفت الصرة الأخرى، والمالان متفقان، فالأمة بينهما والصرة من ربها).
(٦) في (ن ١): (وتبينت).
(٧) انظر التوضيح، لخليل بن إسحاق: ٨/ ٦٥٢، وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>