للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ضبط باء " حبس " بالتخفيف، وفِي روايته أَن ضبطها بالتشديد] (١).

أَوْ يَشْتَرِطْ تَسْلِيمَ غَلَّتِهِ مِنْ نَاظِرِهِ لِيَصْرِفَهَا، أَوْ كَكِتَابٍ عَادَ إِلَيْهِ بَعْدَ صَرْفِهِ فِي مَصْرِفِهِ وبَطَلَ عَلَى مَعْصِيَةٍ، وحَرْبِيٍّ، وكَافِرٍ لِكَمَسْجِدٍ، أَوْ عَلَى بَنِيهِ دُونَ بَنَاتِهِ.

قوله: (أَوْ يَشْتَرِطْ تَسْلِيمَ غَلَّتِهِ مِنْ نَاظِرِهِ لِيَصْرِفَهَا) أَو يشترط مجزوم عطفاً عَلَى مَا بعد لَمْ (٢)، وفِي بعض النسخ تسليم بسكون السين وكسر اللام وياء بعدها، وفِي بعضها تَسَلُّم بفتح السين وضم اللام المشددة وهذا أنسب.

أَوْ عَادَ لِسُكْنَى مَسْكَنِهِ قَبْلَ عَامٍ.

قوله: (أَوْ عَادَ لِسُكْنَى مَسْكَنِهِ قَبْلَ عَامٍ) فِي رسم أوصى من سماع عيسى من كتاب الصدقات والهبات: سئل عمن تصدّق عَلَى ولده وهم صغار يليهم بدار، وأشهد لهم، وكَانَ يكريها لهم فلما بلغوا الحوز قبضوها، وأكروها منه، فمات فيها فقال: لا أراها إِلا


(١) قال صاحب مواهب الجليل: معقباً ومناقشاً لكلام ابن عرفة: (وَفِي مِثْلِ هَذَا كَانَ بَعْضُ مَنْ لَاقَيْنَاهُ يَحْكِي عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: اسْتِدْلَالَاتُ بَعْضِ شُيُوخِ مَذْهَبِنَا لَا يَنْبَغِي ذِكْرُهَا خَوْفَ اعْتِقَادِ سَامِعِهَا، ولَا سِيَّمَا مَنْ هُوَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، إنَّ حَالَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ أَو جُلِّهِمْ مِثْلُ هَذَا الْمُسْتَدِلِّ. . .
قُلْت: كَلَامُهُ رَحِمَهُ الله يَقْتَضِي أَن لَفْظَ الرِّوَايَةِ فِي الْبُخَارِيِّ حَبَسَ بِتَخْفِيفِ الْبَاءِ عَلَى وَزْنِ نَصَرَ واَلَّذِي فِي الْبُخَارِيِّ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ " مَنْ احْتَبَسَ فَرَساً فِي سَبِيلِ الله إيمَاناً وتَصْدِيقاً بِوَعْدِهِ فَكَانَ شِبَعُهُ ورِيُّهُ ورَوْثُهُ وبَوْلُهُ فِي مِيزَانِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " انْتَهَى.
فَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ احْتَبَسَ عَلَى وَزْنِ افْتَعَلَ، وكَذَلِكَ نَقَلَهُ الْمُنْذِرِيُّ فِي التَّرْغِيبِ والتَّرْهِيبِ عَنْ الْبُخَارِيِّ، ومُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ رَحِمَهُ الله أنْ حَبَسَ بِالتَّخْفِيفِ لَيْسَ مَعْنَاهُ أَوْقَفَ، وهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا قَالَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي الْمَشَارِقِ، ونَصُّهُ فِي بَابِ الْجَامِعِ فِي قَوْلِهِ: وأَمَّا خَالِدٌ فَإِنَّهُ احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ أَيْ أَوْقَفَهَا فِي سَبِيلِ الله، واللُّغَةُ الْفَصِيحَةُ أَحْبَسَ. قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ ويُقَال حَبَسَ مُخَفَّفاً وحَبَّسَ مُشَدَّداً. انْتَهَى.
فَدَلَّ كَلَامُ الْقَاضِي عَلَى أَن حَبَسَ بِالتَّخْفِيفِ بِمَعْنَى حَبَّسَ بِالتَّشْدِيدِ وهُوَ الْوَقْفُ فَصَحَّ مَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ والْمُتَيْطِيُّ؛ هَذَا إذَا كَانَا نَقَلَا الْحَدِيثَ بِلَفْظِ حَبَسَ، وإِنْ كَانَا نَقَلَاهُ بِلَفْظِ احْتَبَسَ كَمَا هُوَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فَحَرَّفَهُ النُّسَّاخُ فَمَعْنَى احْتَبَسَ أَوْقَفَ كَمَا تَقَدَّمَ، كَذَا قَالَ النَّوَوِيُّ وغَيْرُهُ، فَصَحَّ مَا قَالَاهُ أَن الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ أَصْلٌ فِي تَحْبِيسِ مَا سِوَى الْأَرْضَ وكَذَا حَدِيثُ خَالِدٍ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ، وبَقِيَ النَّظَرُ فِيمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ مِنْ أَن الرِّوَايَةَ حَبَسَ فَإِنَّهُ خِلَافُ مَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ واَلله أَعْلَمُ). انظر: مواهب الجليل، للحطاب: ٦/ ٢٠ / ٢١، قلت: ولعل وهم ابن عرفه رحمه الله نشأ من لفظ المدونة الذي يأتي كله بلفظ: (حبس) لا احتبس، انظر: المدونة، لابن القاسم: ١٥/ ٩٩، ١٠٠، وانظر: تهذيب المدونة، للبراذعي: ٤/ ٣١٩، ٣٢٠.
(٢) في (ن ٤): (عطف على مَا بعد ألا على مَا بعد لم).

<<  <  ج: ص:  >  >>