للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شهد أربعة عَلَى رجل بالزنا فقالوا تعمدنا النظر إليهما (١) لتثبت الشّهَادَة قال: كيف يشهد الشهود إِلا هكذا (٢) فناقضها ابن هارون بعدم إجازته (٣) فِي اختلاف الزوجين فِي عيوب الفرج نظر النساء إليه ليشهدن بما رأين من ذلك، وكذا إِن اختلفا فِي الإصابة وهي بكر قال: تصدق ولا ينظر النساء إليها قال: والفرق بين ذلك مشكل، وأورده ابن عبد السلام، وأجاب بقوله: إِن طريق الحكم هنا منحصرة فِي الشّهَادَة، ولا تقبل إِلا بصفتها الخاصة، وطريق الحكم فِي تلك الصور غير منحصرة فِي الشّهَادَة بل لها غير ذلك من الوجوه التي ذكرها الفقهاء فِي محلها، فلا ينبغي أن يرتكب محرم وهو النظر للفرج من غير ضرورة.

ابن عرفة: يرد بأن صورة النقض إنما هي إِذَا لَمْ يتمكن إثبات العيب إِلا بالنظر، وكَانَ يجري لنا الجواب بثلاثة أوجه:

الأول: أن الحدّ حقّ لله وثبوت العيب حق للآدمي (٤)، وحقّ الله آكد لقوله فِي " المدونة " فيمن سرق وقطع يمين رجل عمداً: يقطع للسرقة ويسقط القصاص (٥).

الثاني: ما لأجله النظر وهو الزنا محقّق الوجود أَو راجحه، وثبوت العيب محتمل عَلَى السوية.

الثالث: المنظور إليه فِي الزنا إنما هو مغيب الحشفة، ولا يستلزم ذلك [إلا] (٦) من الإحاطة بالنظر إِلَى الفرج ما يستلزمه النظر إِلَى العيب. اللخمي: وقوله: وكيف يشهد الشهود إِلا هكذا؟ يريد: أن تعمد النظر لا يبطل الشّهَادَة، لمّا كَانَ المراد إقامة الحق، وهذا


(١) في (ن ١): (إليها).
(٢) انظر: المدونة، لابن القاسم: ١٦/ ٢٥٦.
(٣) في (ن ٢): (جواز).
(٤) في (ن ٣): (الآدمي).
(٥) انظر: المدونة، لابن القاسم: ١٦/ ٢٩٤، ونصها: (الذي سرق وقطع يمين رجل إذا قطع في السرقة فلا شيء للذي قطعت يمينه. قلت: لم قطع مالك يمينه للسرقة ولم يقطعها ليمين المقطوعة يده؟ قال: قال مالك: إذا اجتمع حدّ العباد وحدّ الله يكون للعباد أن يعفوا عنه، وحد الله لا يجوز للعباد العفو عنه؛ فإنه يقام الحد الذي هو لله الذي لا يجوز العفو عنه).
(٦) ما بين المعكوفتين زيادة من: (ن ١).

<<  <  ج: ص:  >  >>