للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فإن قيل: المسح على الخفين رخصة كما ذكرتم، غير أنه أرخص للمسافر في ثلاثة أيام، وللمقيم في يوم وليلة، والرخص إنما تستباح على قدر الحاجة، فأما الزيادة على قدر الحاجة فلا، كأكل الميتة لما كان رخصة جاز فيه قدر الحاجة، ووجدنا الحاجة في المسح للمقيم تدعوه في يوم وليلة؛ لأنه إنما يستديم لبس الخف يوما وليلة، فأما استدامته في أكثر من ذلك فعليه فيه مشقة، فالحاجة هي في نزعه بعد اليوم والليلة، وفي المسافر ثلاثة أيام؛ لأنه وإن احتاج إلى المسح على خفيه فإنما يستديمه ثلاثة أيام، والمشقة عليه في نوعه في هذا القدر، فلم يجز أن يمسح في أكثر من ثلاثة أيام؛ لأن لبسه أكثر من هذا غير محتاج إليه، وعليه في مشقة.

قيل: عن هذا جوابان:

أحدهما: أن لبس الخفين قد أبيح مع زوال المشقة، لولا هذا لما جاز لبسه إلا مع وجود المشقة، فإذا أرخص فيه مع عدم المشقة وجب أن يجوز المسح ما دام الإنسان مختارا للبسه.

والجواب الآخر: هو أنه لو ثبت أرخص فيه للمشقة، فإن الفطر والقصر في السفر أبيح لأجل المشقة التي تلحق، وليس ذلك محدودا، وقد يكون من الملوك الذين يترفهون في سفرهم أكثر من ترفه غيرهم في المقام، ويلبسون خفافهم أكثر من لبس غيرهم، وقد يحتاج المسافر إلى لبس الخف أكثر من ثلاثة أيام أيضا، خاصة في السفر في مواضع الثلوج، والجد في السفر، وغير ذلك، ألا ترى إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>