للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بل وصل الأمر إلى أن عَلَّقَ الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمورًا عظيمة بأمور يراها كثير من إخواننا ((جزئية)) ((تافهة)) ((ليس الآن وقتها)) ...

ففي الصحيحين أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لَتُقِيمُنَّ صُفُوفَكُمْ أو لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ)).

فأي داء أعظم من داء اختلاف القلوب .. الذي جُعِلَ سببه إهمال تسوية الصفوف؟ ! !

وفيهما أيضًا قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يزال الناس بخير ما عَجَّلُوا الْفِطْرَ)). وفي رواية أبي داود بسند صحيح: ((لا يزال الدين ظاهرًا ما عَجَّل الناسُ الفطرَ)).

فانظر كيف أناط الخيرية، وعلق بقاء الدين ظاهرًا بتعجيل الفطر .. الأمر الذي يراه كثير من إخواننا ((توافه)).

وقاعدة ذلك قوله تعالى:

{فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (٨)} [الزلزلة: ٧ - ٨].

أي: فمن يعمل ما يكون بوزن النملة الصحيحة -بل أقل- من خير، فسوف يلقى خيرًا في الدنيا والآخرة، ومن يعمل ما يكون بوزن النملة الصغيرة -بل أقل- من شر، فسوف يلقى شرًّا في الدنيا والآخرة.

وإذا علمتَ هذا، وعلمتَ أننا لم نُخْلَقْ إلا لفعل الخير مهما صَغُرَ، واجتناب الشر مهما دَقَّ، وأن الدين كله من عند الله، كلياته، وجزئياته -إن سُلِّمَ بهذا التقسيم- إذا علمت هذا أدركتَ بطلانَ دعوى تجزئة الدين إلى كليات وجزئيات، ولباب وقشور؛ لأنها دعاوى ليس عليها بينات، وتزيين ليس فيه حجة ولا دليل.

<<  <   >  >>