ففي حديث معاذ - رضي الله عنه - عندما أرسله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن، قال له - صلى الله عليه وسلم -: ((إنك تأتي قومًا من أهل الكتاب، فَادْعُهُمْ إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، فَإِنْ هُمْ أطاعوا لذلك، فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لذلك، فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة، تُؤْخَذُ من أغنيائهم، فَتُرَدُّ في فقرائهم، فإن هم أطاعوا لذلك، فإياك وكرائم أموالهم، واتَّقِ دعوة المظلوم؛ فإنه ليس بينها وبين الله حجاب)) (١).
فدل هذا على أن في الدعوة والعمل تدرجًا، وأولوياتٍ، وتفاضلًا، واهتماماتٍ، فلا يُبدأ بالدعوة والعمل بالجزء قبل الكل، ولا يُهمل الجزءُ بدعوى الاهتمام بالكل، بل كُلٌّ مُنَزَّلٌ من عند الله، وَكُلٌّ دِينُ اللَّهِ، فكما أنه لا يجوز الإغراق في الجزئيات، فكذلك لا يجوز إغراق الجزئيات ..