للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الناس والحكام، وينصحونهم، فتعاونوا، ولم يتعايبوا، وتناصروا، ولم يتدابروا.

وفي الوقت الذي كان فيه محمد بن القاسم، وموسى بن نصير، وطارق بن زياد، يفتحون البلاد شرقًا وغربًا، كان أبو حنيفة، ومالك، والشافعي، يفتحون صفحات من العلم، والفقه، ناصعةً إلى يوم القيامة، وكان أحمد، والبخاري، ومسلم، يفتحون صفحات من النور؛ لِيُسَطِّرُوا عليها مرويات سنة النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لتبقى ما بقي على الأرض إيمان، وكان الحسن البصري، وسعيد بن المسيب، وسعيد بن جبير، ينصحون الناس، ويعظون الحكام، وكان أحمد بن حنبل، وأحمد بن نصر المروزي، وإسحاق بن راهويه، يقمعون البدع، ويحاربون الانحراف، وينفون عن هذا الدين تحريفَ الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين.

وبعضهم كان يجمع بين هذا وذاك، فَأَحْمَدُ يجمع بين الحديث، والفقه، وَقَمْعِ البدع، ومناصحة الحكام .. وعبد الله بن المبارك يجمع بين العلم، والجهاد، وكان ... وكان ... كُلٌّ حسب قدرته، وكُلٌّ حسب توفيقه.

نتعاون، ولا نتخاصم ... نتناصح، ولا نتفاضح ... نتناصر، ولا نتخاذل ... نتطاوع، ولا نتلاوم.

لَا عَيْبَ فِي التَّخْصِيصِ:

فما كان المجاهدون يعيبون على الفقهاء بحثهم في قضايا تفصيلية فقهية، في الحيض، والبيع، والنكاح، وما كانوا يقولون لهم: نحن نجاهد، ونفتح البلدان، وأنتم عاكفون على الكتب الصفراء، كُتُبِ الحيض، والنفاس! !

<<  <   >  >>