للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشبهة الثانية:

كيف نهتم بالجزئيات والعدو على الأبواب؟ !

((لكن إذا سَلَّمَ الناسُ بالكليات، وانتهوا عن الكبائر .. فهل نهتم بالجزئيات، وننشغل بالصغائر، والأعداء جاثمون على صدورنا؟ ))

إذا تأمل العاقل هذه المسألة وَجَدَ أنها أقرب إلى الخيال منها إلى الحقيقة، وإلى الوهم منها إلى الواقعية؛ إذ العمل بالسنن والواجبات لا يَشْغَلُ عن العدو، ولا يؤخر التمكين، لكن الذي يَشْغَلُ عن العدو، ويؤخر التمكين، هو عدم التزام منهج السلف في الدعوة، والعمل، والمناقشة، والأخلاق .. هذا هو الذي يضيع الأوقات، ويشتت الجهود .. وأما العمل بكافة الشريعة حسب الاستطاعة، وحسب ما كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصحبه، فلا يُعَرْقِلُ البراء من الأعداء، ولا يمنع الولاء للأحباب.

بل على العكس من ذلك، فإن العمل بالسنن والواجبات يَشُدُّهُ ويقويه، وَفِعْلُ شعبة من شعب الإيمان -أيِّ شعبة- يزيد الإيمان، ويقويه .. وزيادة الإيمان هذه زيادة في قوة المسلمين في مواجهة أعدائهم من جهة، وَتَقَرُّبٌ إلى الله الذي بيده النصر والتمكين من جهة أخرى.

قال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ} [النور: ٥٥].

فَكُلُّ فِعْلِ عَمَلٍ صالحٍ يسرع في الاستخلاف، وكل تقصير يؤخره، وكل عمل صالح هو مسمار في نعش الطاغوت، وكل معصية وإهمال في دين الله هو تثبيت له على عرشه.

فتدبر هذا؛ فهو نافع لمن أراد لقاء ربه، ونصرته على عدوه، وتمكينه في أرضه.

<<  <   >  >>