قال ابن العربي ( ... ): "ورأي أحمد بن حنبل أن قنوت النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما كان لسبب فيما كان ينزل بالمسلمين، والأحكام إذا كانت متعلقة بالأسباب زالت بزوالها، ورأي مالك والشافعي أن ذلك من كلب العدو، ومقارعته معنى دائم فدام القنوت بدوامه".
قلت: هذا كلام وجيه ... لكن هذه الأمور التي ذكرت من أسباب مشروعية القنوت كانت على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومع ذلك لم يداوم على القنوت إذا استدامت، ولذلك قلنا بعدم الديمومة عليه، وهذا هو المذهب الوسط الذي يجمع بين حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه -: "أنه كان لا يقنت إلا إذا أراد أن يدعو على قوم، أو يدعو لقوم"، وحديث أبي هريرة السابق:"لأقربن صلاة رسول الله، فقنت"، وغيرهما مما سبق ذكره، كل هذا يدل على أنه: كان يقنت أحياناً، ويترك أحياناً.
ومعلوم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دعا في قنوته بعد أحد يلعن فلاناً وفلاناً، وسيأتي تخريجه.
ودعا لنجاة المستضعفين في مكة، وكم في الأرض في زماننا من مستضعفين، وكم في عصرنا من مسجونين، فرج الله همهم،