يا من غدا بين أهل العلم كالعلم … أزلت بعض الذي أشكو من الألم
أعملت فكري يا من لا مثال له … في العلم والحلم والآداب والحكم
في قصّة أنت تدري سرّ ميسمها … جلوتها كجلاء البدر في الظّلم
أثبت خيرا، أبا عبد الإله، على … من بات يشكر ما أوليت من نعم
حتّى ثنى جيده بالجيد ملتفتا … إلى ربّ الجدا والجود والكرم
شخص السّماح ومعنى كلّ معلوة … من خصّ بالخلق المحمود والشّيم
وأكتب النّاس، إن هزّت يراعته … فيخفق السّيف إنّ الفضل للقلم
إذا وشى سطر خطّ فوق مهرقة … فالدّرّ ما بين منثور ومنتظم / ١٨٣ /
أقسمت أنّ المعالي في الورى قسم … حاز ابن مقلة فيها أبخس القسم
سما إلى الأفق الأعلى، فهمّته … ما همّها غير أن تسمو على الهمم
موفّر العرض، لكن وفر نائله … مقسّم في ذوي الإثراء والعدم
مرفّع القدر مشهور تواضعه … يسدي ويعطي ويرعى خالص الذّمم
فلذ بحرمته إن كنت مهتضما … تأمن كأنّك قد أصبحت في الحرم
إن جئته سائلا عن حاجة صعبت … في الحين تقضى ولم تبرح ولم ترم
وإن شكوت إليه جور مظلمة … لم يرقد اللّيل إشفاقا ولم ينم
فاردد جوابي فقد أصبحت في قلق … محالف الوجد والأشجان والسّقم
فأجابه خالي رحمة الله عليهما: [بسيط]
مالي يد بالذي أوليت من نعم … ولا أطيق حياتي شكرها بفمي
ولست أسطيع وصف بعضها أبدا … حتّى أؤلّف بين الماء والضّرم
صحيفة قد أتتني منك محكمة … كأنّها راحة تهدى إلى سقم
بدا بها عند ما عاينت أحرفها … لاحت كمسك على الكافور منتظم
شعر مصوغ من الشّعرى ومرزمها … ومن عقيق ومن درّ ومن حكم
شتّى، وألّفها السّحر الحلال به … كأنّ هاروت بين الفكر والقلم
كأنّما كوكب في كلّ قافية … ما أحسن الشّهب في الألفاظ والكلم
إن كان زهرا فمن يمناك منبته … وإنّما تنبت الأزهار بالدّيم
أو كان درّا فأنت البحر في أدب … وعادة البحر قذف الدّرّ للأمم