للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ألفاظه في النطق على حسب ترتيب معانيها في نفسه، وهو يفضي بحديثه إلى غيره.

على أن عملية النظم هذه، لا بد أن تسبقها مقدمات تجعل من النظم عملية نحوية، لغوية، تجعل المعنى في ذهن السامع واضحاً جلياً، مؤدياً للغرض من إنشائه، مبيناً عن الأغراض، والمقاصد، والمعاني التي يقصدها الشعراء والأدباء، على حد سواء؛ فما معنى أن تكون نحوياً، لغوياً، فصيحاً؟

ولئن كان أبو سعيد السيرافي قد أجمل في عبارته السالفة (أفهم عن نفسك ما تقول ثم رم أن يفهم عنك غيرك) فإن تفصيل ذلك يمكن أن يفهم من السؤال الذي افترض، أبو سعيد أن سائلاً قد سأله.

ذلك لأن معنى قوله "نحوياً" أن تجري في كلامك على حسب قواعد النحو، وبمعنى آخر: هو: أن تتوخى معاني النحو فيما بين الكلم على حسب الأغراض التي يساق لها الكلام.

ومعنى قوله: "لغوياً فصيحاً" أن تنتقي الكلمات الخالية من عيوب اللفظ، بأن تكون مألوفة الاستعمال خفيفة على النطق، ملائمة للمعنى الذي جاءت من أجله مشاكلة في معانيها لمعاني جاراتها مؤانسة لأخواتها، دالة على المعاني، والمقاصد والأعراض التي اجتلبت من أجل الإفصاح عنها، والإبانة عن خفاياها.

ولهذا فإن عبد القاهر قد تدرج بعملية النظم كما تدرج أبو سعيد السيرافي، وسار بها على هذ النحو:

أولاً: لا تفاضيل بين كلمة وأخرى في الدلالة على المعنى قبل دخولهما

<<  <   >  >>