للنحوي، بينما المنطقي ليس بحاجة إلى النحو، ولكن أبا سعيد ما زال ينتقل به من فن إلى فن ومن مساله إلى أخرى حتى أثبت له حاجة المنطقي إلى النحو، لا حاجة النحوي ألي المنطق، وذلك من خلال رده المفحم عليه، وما زال به حتى تفوض المجلس، وأهله يتعجبون من رباطة جأش أبى سعيد وتصرف لسانه وتهلل وجهه، وتتابع فوائده، ثم قال له الوزير:
عين الله عليك أيها الشيخ، فقد فديت أكباداً، وأقرر عيوناً، وبيضت وجوها، وحكت طرازاً، لا تبلية الأزمان، ولا تطرقه الحدثان.
وكان نظير أبو سعيد، وقرينه - في النحو والصرف - أبو على الفارسي - وهو من أعلام الدولة البويهيميه، وولد بفارس، وأتى بغداد سنة ٣٠٧ هـ، وأقام بها يشتغل بالعلم، ثم رحل إلى حلب، وأقام عند سيف الدولة، في حلبته. وله مه المتنبي مناظرات، ثم انتقل إلى فارس وصحب عضد الدولة، وعلت منزلته عنده وألف له أبو على كتاب" الاتضاح" و " التكملة" في النحو، ورحل إلى بلاد كثيرة، وكان يدون ما يجرى له من مناظرات في كل بلد، في كتاب، كالحليبات، والبغداديات، والشيرازيات، وهكذا، وقد وازن أبو حيان التوحيدي بين أستاذه أبى على السيرافي، وبين أبى على الفارسي ففضل أبا سعيد، لسعة عليه، وتقواه، وقال: إن أبا على كان يشرب ويتخالع، ويفارق هدى أهل العلم (١).
ومن مؤلفات أبى سعيد السيرافي: كتاب صنعة البلاغة والشعر، - ولم يصل إلينا - وكتاب:" شرح كتاب سيبوبه، في ثلاثة آلاف ورقة بخطة، في السلمانى، وما عمل مثله أحد، وكتاب: " المدخل إلى سيبويه" وكتاب: " شواهد كتاب سيبويه" وكتاب" الوقف والابتداء، وكتاب ألفات القطع والوصل، وكتاب أخبار النحويين البصريين، وكتاب" مقصورة ابن دريد" وكتاب " جزيرة العرب".