والاستعارات الممتعة) أنك إذا جاوزت الحقيقة إلى غيرها من الكناية والمجاز، فليكن ذلك عن طريق الإرداف، (أي الكناية) والتمثيل، والاستعارة.
فالروادف الموضحة هي ما سماه قدامة باسم "الإرداف" - وقد كان حاضراً تلك المناظرة، ومستمعاً لما قاله أبو سعيد السيرافي - ولكننا لا ندري أكان قدامة قد ألف - قبل ذلك - نقد الشعر، وجواهر الألفاظ أم أنه ألفهما بعد تلك المناظرة، وفيهما تجد تعريف كل من الإرداف، والتمثيل.
وعلى أية حال: فإن الروادف الموضحة هي التي سماها قدامة باسم الإرداف، ثم سماها عبد القاهر باسم الكناية، وعرفه قدامة بأنه: أن يريد الشاعر دلالة على معنى من المعاني، فلا يأتي باللفظ الدال على ذلك المعنى، بل بلفظ يدل على معنى هو ردفه، وتابع له، فإن دل على التابع أبان عن المتبوع، كقوله.
بعيدة مهوى الفرط إما لنوفل ... أبوها وإما عيد شمس هاشم
والأشباه المقربة: هي ما سماه قدامة باسم التمثيل وعرفه بأنه: أن يريد الشاعر إشارة إلى معنى، فيضع كلاماً يدل على معنى آخر، وذلك المعنى الآخر، والكلام منبئان عما أراد أن يشير إليه، مثال ذلك: قول الرماح بن ميادة:
ألم تك في يمنى يديك جعلتني ... فلا تجعلني بعدها في شمالكا
فعدل عن أن يقول: إنه كان عنده مقدماً، فلا يؤخره أو مقرباً فلا يبعده، أو مجتبى، فلا يجتنبه، إلى أن قال: إنه كان في يمنى يديه، فلا يجعله في اليسرى ذهاباً نحو الأمر الذي قصد الإشارة إليه بلفظ ومعنى يجريان مجرى المثل له.