للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[١ - الفارق الزمني بين "الأسرار" و "البلاغة"]

لقد ظل التاريخ الذي ألف فيه كل من "أسرار البلاغة" و "دلائل الإعجاز" لعبد القاهر الجرجاني قروناً عديدة، وأزماناً متطاولة طي الغيب، يحيط به الضباب، وتججبه الغيوم؛ ولا يحاول واحد من البلاغيين أو من النقاد، أن يكشف هذا الضباب "ويزيل تلك الغيوم، بل ظلت الغالبية العظمى منهم تدرس الكتابين معاً، وتتناول أفكارهما، وكأنهما كتاب واحد، أو أنهما على أقل تقدير قد ألفا في وقت واحد.

ولكن القليلين منهم قد حاولوا أن يستنبطوا شواهد من الكتابين تقوم على معرفة أسبقية أحدهما على الآخر، ثم انقسموا إلى فريقين: فريق يقول بأسبقية الدلائل على الأسرار، وفريق يقول بأسبقية الأسرار على الدلائل، وقد أيد كل من الفريقين رأيه بما استنبطه من شواهد.

ولن نعرج على أدلة هذا الفريق أو ذاك، لأن هذا البحث الذي بين يديك الآن قد تجاوز مرحلة أسبقية أحد الكتابيين على الآخر، إلى مرحلة التعرف على التاريخ الذي ألف فيه كل من الكتابين على حدة.

وقد كتبت بحثاً مطولاً في إثبات هذا التاريخ، ولكنني أقتصر منه على ما يلي:

أولاً: الملابسات التي أحاطت بتأليف الكتابين:

١ - الشواهد أو الأمثلة التي جلبها عبد القاهر -في الأسرار- من كتاب "يتيمة الدهر" الثعالبي؛ الذي كان معاصراً لعبد القاهر.

<<  <   >  >>