للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عما يخفى، وتلخيص الصفة، حتى يزاد السامع ثقة بالحجة، واستظهاراً على الشبهة، واستبانة للدليل، وتبيناً للسبيل، شيء في سوس العقل وفي طباع النفس، إذا كان نفساً (١) ".

[ويؤخذ مما سبق ما يلي]

أولاً: أن الطائفة التي كانت تزهد في علم النحو هي تلك الطائفة التي كان يمثلها قديماً - في عهد السيرافي - متى بن يونس المنطقي والكندي المتفلسف، وقدامة بن جعفر "وأبو الحسين إسحاق بن إبراهيم بن سليمان بن وهب، كما كان يمثلها حديثاً - في عهد عبد القاهر - أتباع تلك الطائفة وإشباعها، ممن كانوا يعيشون في جرجان، ويحقرون النحو. ويزهدون فيه، ثم يتعاطون التفسير، ويتناولون كتاب الله بالتأويل، دون أن يكون عندهم علم بدقائق النظم ولطائفه وخصائصه، وهم: المعتزلة: الذين كان يمثلهم القاضي عبد الجبار الأسد أبادي، قاضي قضاة الدولة البويهية والمتوفي سنة ٤١٥ هـ.

ثانياً: أن تلك الطائفة كانت تدعى أن النحويين مع اللفظ، لا مع المعنى، وقد جاء ذلك على لسان متى بن يونس في قوله: "لان المنطق يبحث عن المعنى، والنحو يبحث عن اللفظ"، كما جاء ذلك على لسان أبي سعيد السيرافي في رده عليه بقوله "فلم تدعى أن النحوي إنما ينظر في اللفظ دون المعنى"؟ والمنطقي ينظر في المعنى دون اللفظ؟ وقوله: "وادعوا على النحويين أنهم مع اللفظ لا مع المعنى"، وهي التي عناها عبد القاهر بقوله: "وأما النحو فظنته ضرباً من التكلف، وباباً من التعسف وشيئاً لا يستند إلى أصل، ولا يعتمد فيه على عقل" (٢).


(١) الدلائل ٢٧، ٢٨ (السيد محمد رشيد رضا).
(٢) الدلائل ص ٦.

<<  <   >  >>