الخاص به، ولكمهم توصلوا إليه بذكر معنى آخر من شأنه أن يردفه في الوجود، وأن يكون إذا كان؛ أفلا ترى أن القامة إذا طالت طال النجاد، وإذا كثر القرى كثر رماد القدر، وإذا كانت المرأة مترفة لها من يكفيها أمرها ردف ذلك أن تنام إلى الضحى؟
وأما المجاز: فقد ذكر أن السابقين قد عولوا فيه على حديث النقل، فذكروا: أن كل لفظ نقل عن موضوعه مجاز. وقد ذكرت ما هو الصحيح من ذلك في موضع آخر (يقصد أسرار البلاغة، وفيه دليل على تأخر الدلائل عن الأسرار).
غير أنه ذكر هنا ما هو الأشهر منه، والأظهر، وأن الاسم والشهرة فيه (أي المجاز) لشيئين اثنين هما: (الاستعارة) و (التمثيل).
(وهنا أدرك عبد القاهر أن من التمثيل ما يكون مجازاً، بعد أن كان في الأسرار يجعله من قبيل التشبيه محذوف الأداة والوجه) فقال هنا: "وإنما يكون التمثيل مجازاً إذا جاء على حد الاستعارة".
وأما الاستعارة: فهي أن تريد فتشبيه الشيء بالشيء، فتدع أن تفصح بالتشبيه وتظهره، وتجئ إلى اسم المشبه به، فتعيره المشبه به، وتجربه عليه، فإذا أردت أن تقول:(رأيت رجلاً هو كالأسد في شجاعته وقوة بطشه، تركت ذلك كله، وقلت: (رأيت أسداً)، وهذه الاستعارة هي التي سماها المتأخرون الاستعارة التصريحية.
وهناك ضرب آخر من الاستعارة، وهو ما كان كقول لبيد:
وغداة ريح قد كشفت وقرة ... إذ أصبحت بيد الشمال زمامها