الدلائل: جمع دلالة؛ وهو ما يستدل به على الشيء؛ والإعجاز: الفوت والسبق؛ وأعجز الشيء فلاناً: فاته؛ ولم يدركه.
"دلائل الإعجاز"؛ هي أدلة إعجاز القرآن الكريم؛ أي إعجازه للخلق جميعاً؛ فقد تحدى العرب قاطبة - وفيهم الخطباء المصاقع، والشعراء المفلقون - أن يأتوا بسورة من مثله؛ فعجزوا عنه؛ وانقطعوا دونه.
وقد جعلها عبد القاهر عنوناً لكتابه الذي رد به على المعتزلة، واستقاها من فهمه لمناظرة أبى سعيد السيرافي وجرت على لسانه، وهو يرد عليهم في هذا الكتاب؛ إذ قال لهم:" ومن ثم لا يجوز لنا، أن نعتد في شأننا هذا بأن يكون المتكلم قد استعمل من اللغتين في الشيء ما يقال إنه أفصحهما، وبإن يكون قد تحفظ مما تخطى فيه العامة، ولا بأن يكون قد استعمل الغريب؛ لأن العلم بجميع ذلك، لا يعدو أن يكون علما باللغة وبأنفس الكلم المفردة، ومما طريقه الحفظ؛ دون ما يستعان عليه بالنظر، ويوصل إليه بإعمال الفكر. ولئن كانت العامة وأشباه العامة، لا يكادون يعرفون الفصاحة غير ذلك؛ فإن من ضعف النحيرة إخطار مثله في الفكر، وإجراءه في الذكر. وأنت تزعم أنك ناظر في" دلائل الإعجاز"؛ أي في أدلة إعجاز القرآن.
فدلائل إعجاز القرآن، ليست في اختيار الكلمات؛ من حيث أفصحها في الاستعمال، ولا في البعد من اللحن، ولا في الاستعمال الغريب؛ وإنما هي في النظم الذي تضمن دقائق وأسراراً، طريق العلم بها الروية والفكر، والطائف مشتقاها النقل؛ وهي السبب في أن عرضت المزية في الكلام،