هذا الحد، فلم يعرف أن هذا الرابط، إنما هو في معاني النحو بين الكلم.
وأما أبو بكر محمد بن الطيب الباقلاني المتوفى سنة ٤٠٣ هـ؛ فقد ألف كتابه (إعجاز القرآن) وذكر في مقدمته أن الجاحظ قد صنف في (نظم القرآن) كتاباً، لم يزد فيه على ما قاله المتكلمون قبله ولم يكشف عما يلتبس في أكثر هذا المعنى، وأن سائلا سأله أن يذكر جملة من القول جامعة تسقط الشبهات، وتزيل الشكوى التي تعرض للجهال، وتنتهي إلى ما يخطر لهم. ويعرض لإفهامهم من الطعن في وجه المعجزة؛ فأجابه إلى ذلك، وألف هذا الكتاب.
[وقد بين -في هذا الكتاب- أن الأشاعرة -وغيرهم- ذكروا من وجوه الإعجاز ثلاثة هي]
أولها: ما تضمنه القرآن من الأخبار عن الغيوب؛ وذلك مما لا يقدر عليه البشر؛ ولا سبيل إليه.
وثانيها: أنه أخبر عما وقع وحدث من عظيمات الأمور، ومهمات السير؛ من خلق آدم إلى مبعثه -صلى الله عليه وسلم- مع أنه كان أمياً؛ لا يقرأ ولا يكتب؛ ولم يكن يعرف شيئاً من كتب المتقدمين وأقاصيصهم وأنبائهم وسيرهم.
وثالثها: أنه بديع النظم عجيب التأليف؛ متناه في البلاغة إلى الحد الذي يعلم عجز الخلق عنه.
ثم ذكر أن الذي أطلقه العلماء في هذا الوجه الأخير هو على الجملة؛ أما هو فقد كشف الجملة التي أطلقوها وفصلها؛ بأن الذي يشتمل عليه بديع نظمه المتضمن للإعجاز وجوه: