للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد فرق أبو هلال، بين الفصاحة والبلاغة بما لا يخرج عما قاله ابن سنان -في التفريق بينهما- من بعده من أن الفصاحة وصف للألفاظ، وأن البلاغة وصف للألفاظ مع المعاني.

[ثم جعل المعاني على ضربين]

(أ) ضرب يبتدعه صاحب الصناعة، من غير أن يكون له إمام يقتدي به فيه، أو رسوم قائمة، في مثلة مماثلة يعمل عليها.

(ب) والآخر: هو ما يحتذى به على مثال تقدم، ورسم سلف.

ومن هنا وجد ابن سنان ما عرفه باسم الاختذاء، ورد عليه عبد القاهر بأنه لم يفهم معناه؛ وشرح المقصود بالاحتذاء عند العرب في صفحات عديدة من آخر دلائل الإعجاز.

وقد بين أبو هلال، أن توخي الصواب في تلك المعاني -سواء أكانت مبتدعة، أم محتذاة- أحسن من توخي الأمور التي ترجع إلى الألفاظ، وأن تلك المعاني التي يتوخاها الشاعر أو الأديب، إنما هي الصورة المقبولة، والعبارة المستحسنة.

وبهذا يكون أبو هلال قد اقترب كثيراً مما أراده عبد القاهر بعده، من (توخي معاني النحو) التي التقطها من مناظرة أبي سعيد السيرافي!

وليس ببعيد أن يكون أبو هلال قد عثر على (توخي الصواب في المعاني) من مناظرة أبي سعيد قبل عبد القاهر، غير أنه لم يذكر كلمة (النحو)، لأن النحو لم يكن من صناعته كما كان من صناعة عبد القاهر الذي ألف فيه (العوامل المائة) التي أعانته على تطبيق نظرية النظم وهي (توخي معاني النحو فيما بين الكلم على حسب الأغراض التي يساق لها الكلام).

<<  <   >  >>