للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣ - مناظرة أبي سعيد السيرافي

ومتى بن يونس حول المنطق والنحو

قال أبو حيان التوحيدي في كتابه "الإمتاع والمؤانسة":

لما أنعقد المجلس سنة ست وعشرين وثلاثمائة؛ قال الوزير ابن الفرات للجماعة -وفيهم الخالدي، وابن الأخشاد، والكتبي، وابن أبي بشر، وابن رباح، وابن كعب، وأبو عمر وقدامة بن جعفر، والزهري، وعلي بن عيسى الجراح، وابن فراس، وابن رشيد، وابن عبد العزيز الهاشمي، وابن يحيى العلوي، ورسول ابن طفج من مصر، والمرزباني صاحب آل سلمان-: ألا ينتدب منكم إنسان لمناظرة متى في حديث المنطق فإنه يقول: لا سبيل إلى معرفة الحق من الباطل، والصدق من الكذب، والخير من الشر، والحجة من الشبهة، والشك من اليقين، إلا بما حويناه من المنطق، وملكناه من القيام به، واستفدناه من واضعه على مراتبه وحدوده؛ فاطلعنا عليه من جهة اسمه على حقائقه؟ ! .

فأحجم القوم، وأطرقوا؛ قال ابن الفرات: والله إن فيكم لمن يفي بكلامه، ومناظرته، وكسر ما يذهب إليه! ، وإني لاعدكم في العلم بحاراً، والمدين وأهله أنصاراً، والحق وطلابه مناراً "فما هذا لترامز والتنامز اللذان تجلون عنهما؟ فرفع أبو سعيد السيرافي رأسه، فقال: أعذر أيها الوزير، فإن العلم المصون في الصدر غير العلم المعروض في هذا المجلس على الأسماع المصيخة، والعيون المحدقة والعقول الحادة، والألباب الناقدة، لأن هذا يستصحبه الهيبة، والهيبة مكسرة ويجتلب الحياء، والحياء مغلبة، وليس البراز في معركة خاصة كالمصاع في بقعة عامة فقال ابن الفرات: أنت لها يا أبا سعيد، فاعتذارك عن غيرك يوجب عليك الأنصار لنفسك، والانتصار في نفسك راجع إلى الجماعة بفضلك.

<<  <   >  >>