ويلاحظ أن القاضي عبد الجبار، قد كانت له منزلة رفيعة في دولة بويه، لأنه كان قاضى القضاة بها، وأن كتبه في الاعتزال - قد نسخت كل الكتب السابقة لها، وأن المعتزلة كانت لهم في تلك الدولة منزلة لم تصل إليها منزلة الأشاعرة، بل إن الأشاعرة لم يكن لهم بها أي شأن.
كما أن عبد الجيار، لم يكن من بين مؤلفاته مؤلف واحد في النحو وإن كان قد برع في غيره من العلوم كالفقه والحديث والكلام، ومع هذا فإنه قد تناول التفسير. وتأويل القرآن، مما جعله غير موفق في تأويله للقرآن الكريم، فقد كان منهجه في التأويل معتمداً على العقل واللغة؛ ولم يتوخ في تأويله (معاني النحو) لتظهر له دقائق النظم، وخصائصه، ولطائفه.
وهذا ما حفز عبد القاهر على أن يتجرد للرد على المعتزلة في شخص عبد الجبار الأسد أبادى: ومبيناً أن هؤلاء القوم لو أنهم إذ تركوا هذا الشأن (أي علم النحو) تركوه جملة، وإذ زعموا أن قدر المفتقر إليه القليل منه اقتصروا على ذلك القليل فلم يأخذوا أنفسهم بالفتوى فيه، والتصرف فيما لم يتعلموا، ولم يخوضوا في التفسير، ولم يتعاطوا التأويل لكان البلاء واحداً. ولكنهم لم يفعلوا، فجلبوا من الداء ما أعى الطبيب وحير