للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صاحبه فرط شغفه بأمور ترجع إلى ماله اسم في البديع إلى أن ينسى أنه يتكلم ليفهم، ويقول ليبين، ويخيل إليه أنه إذا جمع بين أقسام البديع في بيت فلا ضير أن يقع ما عناه في عمياه، وأن يوقع السامع من طلبه في خبط عشواه (١).

ثانيا أنه لم يكن في استطاعته مجاراة النقاد من البلاغيين في صناعة النقد؛ فلم يذكرهم في كتابه هذا بأي تقدير؛ ولهذا فإنه لم يذكر لعبد القاهر سوى الأبيات الثلاثة السابقة دون تعريف بمكانة صاحبها؛ كما أنه صنع نفس الصنيع مع أبى هلال العسكري؛ إذ يقول عنه: " ابن هلال العسكري (٢) "، ولم يورد غير بيتين من الشعر.

ويرجع أن عبد القاهر قد ولد في أوائل القرن الخامس الهجري، وقد نشأ ولوعا بالعلم، محبا للآداب، متأثرا بأستاذين هما: أبو الحسين محمد بن الحسن بن عبد الوارث الفارسي النحوي نزيل جرجان المتوفي سنة ٤٢١ هـ وأبو الحسن على بن عبد العزيز الجرجاني المتوفي سنة ٣٩٢ هـ.

فعلى الرغم من أن عبد القاهر لم يخرج من جرجان في طلب العلم، فإن الله تعالى أرسل إليه أبا الحسين هذا، الذي كان قد أخذ العلم عن خاله أبى على الفارسي صاحب كتاب (الإيضاح) في النحو، ولعل أبا الحسين قرأ كتاب خاله لتلميذه، فقد رأينا عبد القاهر يعنى بهذا الكتاب عناية بالغة فيضع عليه شرحا كبيرا يبلغ ثلاثين مجلدا، ويسميه: " المغنى" ثم يختصر هذا الشرح في نحو ثلاثة مجلدات، ويسمى هذا الشرح الصغير " بالمقتصد".

وأما أبو الحسن على بن عبد العزيز الجرجاني، فقد كان أديبا ممتازاً، واشتهر بكتابه" الوساطة بين المتنبي وخصومه" وقد قال ياقوت عنه:

<<  <   >  >>