للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإحداث الصور فيها، يعمد إليها؛ فيصنع فيها ما يصنع الصانع الحاذق؛ كما نقل منه "الإرداف" الذي أعطاه في الدلائل اسم الكناية؛ وكذلك "التمثيل على حد الاستعارة؛ ولم يشر إليه، كما لم يشر إلى أبي سعيد السيرافي، الذي بنى الدلائل على مناظرته!

يقول الدكتور طه حسين عن قدامة وكتابه "نقد الشعر": "وقد استغل كتابه (نقد الشعر) كل مؤلف جاء بعده، دون أن يقول كلمة واحدة، يقر له فيها بالفضل" (١).

وههنا أمران على درجة كبيرة من الأهمية، يظهر أن تطور أفكار عبد القاهر من الأسرار إلى الدلائل ولهما صلة وثيقة بمناظرة أبي سعيد السيرافي، "ونقد الشعر" لقدامة، وهما:

أولاً: أن نظرية النظم لم تكن في الأسرار -إلا ضربا خاصا من التأليف، يعمد فيه إلى وجه دون وجه من التركيب والترتيب، وهذا الاختصاص في الترتيب، يقع في الألفاظ مرتباً على المعاني المرتبة في النفس، وقد وقفت عند هذا الحد الذي لم تتجاوزه إلى: (معاني النحو) بل إن مصطلحات (النظم) و (معاني النحو) بل و (الفصاحة) و (البلاغة) تكاد لا توجد أصلاً في أسرار البلاغة -إذا استثنينا عنوان الكتاب!

ولهذا فإن الأبيات التي شرحها عبد القاهر -في الأسرار- قبل أن يعرف أن النظم هو توخي معاني النحو، قد أعادها -في الدلائل- ليطبق عليها (توخي معاني النحو فيما بين الكلمة)

ثانياً: أن نظرية البيان -في الأسرار- كان ينقصا، إحدى


(١) نقد النثر ١٧ (ط دار الكتب ١٩٣٣)

<<  <   >  >>