"فمن ضلالات الجبائي: أنه سمي الله -عز وجل- مطيعاً لعبده إذا فعل مراد العبد، وكان سبب ذلك أنه قال- يوماً- لشيخنا أبي لحسن الأشعري -رحمه الله-: ما معنى الطاعة عندك؟ فقال: موافقة الأمر؛ وسأله عن قوله فيها: فقال الجبائي: حقيقة الطاعة عندي: موافقة الإرادة، وكل من فعل مراد غيره، فقد أطاعه، فقال شيخنا أبو الحسن -رحمه الله- ايلزمك على هذا الأصل وأن يكون الله -تعالى- مطيعاً لعبده إذا فعل مراده، فالتزم ذلك، فقال له شيخنا -رحمه الله- خالفت إجماع المسلمين، وكفرت برب العالمين، ولو جاز أن يكون الله -تعالى- مطيعاً لعبده، لجاز أن يكون خاضعاً له -تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً-"(١).
وقد ألف عبد الجبار كتابيه:"تنرية القرآن عن المطاعن""ومتشابه القرآن"، كما ألف تفسيراً كاملاً للقرآن الكريم، يقع في مائة جزء، كما ألف كتابه "المغنى في أبواب التوحيد والعدل".
ويعد كتابه:"متشابه القرآن" من أهم كتب المعتزلة التي تكشف عن منهجهم في تفسير القرآن، ويعتمد هذا المنهج على أمرين هما: العقل، واللغة، أي: الدليل العقلي، والدليل اللغوي:
أما الدليل العقلي: فإنه يتلخص في وجوب معرفة الله تعالى بدليل العقل -أولاً- وأنه- تعالى- حكيم، لا يختار فعل القبيح، لأن هذه المعرفة يمكن معها القول بأنه -تعالى- صادق في إخباره وكلامه، وأنه لا يجرى المعجز على الكذابين، وبالتالي فإنه يمكن الاستدلال بالقرآن على ما يدل عليه.
وأما الدليل اللغوي: فإنه يتمثل في الاستعانة باللغة -على التأويل- سواء في ذلك المفردات، وقواعد النحو والإعراب، والعناية بالنظم