الفسوق يعني جميع المعاصي كلها، وهو المعتمد، وهو ما قاله ابن عباس وعطاء والحسن. وقال ابن عمر: الفسوق إتيان المعاصي في حال إحرامه بالحج، كقتل الصيد، وقص الظفر وأخذ الشعر .. وقال الإمام مالك: الفسوق الذبح للأصنام ومنه قوله تعالى: {أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [الأنعام: ١٤٥] وقال الضحاك: الفسوق: التنابز بالألقاب ومنه قوله تعالى: {بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ} [الحجرات: ١١]. وقال ابن عمر: الفسوق السباب، ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث المتفق على صحته (البخاري ١٥٢١ ومسلم ١٣٥٠ والترمذي ٨١١ .. ): «سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر». قال الإمام القرطبي بعد أن ساق هذه الأقوال: والقول الأول أصح؛ لأنه يتناول جميع الأقوال. انظر تفسير القرطبي جـ ٢ صـ ٤٠٤. والجدال قال فيه الإمام القرطبي: «الجدال وزنه فعال من المجادلة، وهي مشتقة من الجَدْل وهو الفَتْل، منه زمام مجدول. وقيل: هي مشتقة من الجدالة التي هي الأرض، فكأن كل واحد من الخصمين يقاوم صاحبه حتى يغلبه فيكون كمن ضرب به الجدالة. انظر نفس المرجع والجزء صـ ٤٠٦. فالجدال أن يجادل رفيقه حتى يغضبه، والفسوق: هو الخروج عن الطاعة، وعلى المحرم أن يشتغل بالتلبية، وذكر الله تعالى، وقراءة القرآن، وأمرٍ بمعروف، ونهي عن المنكر، وتعليم لجاهل، وما إلى ذلك من وجوه البر والخير، بعيداً عن الفسوق الذي هو خروج عن طاعة الله وهو حرام، وبعيداً عن الرفث الذي هو مباح خارج الإحرام، حرام في زمنه، وبعيداً عن الجدال الذي يتضمن استغضاب الصاحب لرفيقه، فما أشنع أن تصدر مثل هذه الأخلاق الذميمة عن المحرم، وهو الذي أحرم بأمر الله، وابتغاء رضوانه؟ !