للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أجاب الجمهور عن حديث ميمونة بأجوبة، منها تأويل حديث ابن عباس على أنه - صلى الله عليه وسلم - تزوج ميمونة في الحرم وهو حلال؛ لأنه يقال لمن في الحرم محرم وإن كان حلالاً؛ لأنه يقال لمن هو في الحرم محرم وإن كان حلالاً. قال الإمام النووي: «وهي لغة شائعة معروفة، ومنه البيت المشهور [قتلوا ابن عفان الخليفة محرماً] أي في حرم المدينة (١).

الجواب الثاني قال به جماعة من أصحاب الشافعية أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان له أن يتزوج في حال الإحرام، وهو مما خُصَّ به دون الأمة. قال العلامة النووي: وهذا أصح الوجهين عن أصحابنا (٢).

الجواب الثالث: أن أكثر الصحابة رووا أنه - صلى الله عليه وسلم - تزوجها حلالاً، وهو ما روته ميمونة نفسها فرواية هؤلاء أضبط من رواية من قال إنه تزوجها محرماً. قال الإمام النووي: «قال القاضي وغيره: ولم يرو أنه تزوجها محرماً» إلّا ابن عباس وحده، وروت ميمونة وأبو رافع وغيرهما أنه تزوجها حلالاً وهم أعرف بالقضية لتعلقهم به، بخلاف ابن عباس، ولأنّهم أضبط من ابن عباس وأكثر» (٣).

أما قوله - صلى الله عليه وسلم -: «ولا يُنكح فمعناه كما قال العلماء أنه لا يزوج امرأة بولاية ولا بوكالة. قال النووي: «قال العلماء: سببه أنه لما منع في مدة الإحرام من العقد لنفسه صار كالمرأة فلا يعقد لنفسه ولا لغيره». وظاهر هذا العموم أنه لا فرق بين أن يزوج بولاية خاصة كالأب والأخ ونحوهم، أو بولاية عامة وهو


(١) صحيح مسلم بشرح النووي جـ ٩ صـ ٥٤١.
(٢) نفس المرجع والجزء والصفحة.
(٣) نفس المرجع والجزء صـ ٥٤٠، وثمة أجوبة أخرى ذكرها النووي فعد إليها إن شئت التوسيع.

<<  <   >  >>