للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وأما صحيح السنة المشرفة ففي الحديث الذي اتفق على روايته الشيخان، وفيه قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للناس: « ... مَن كان منكم أهْدى فإنه لا يَحِلُّ من شيْ حَرُم منه حتى يقضي حجّه، ومَنْ لم يكن منكم أهدى فليطُفْ بالبيت وبالصفا والمروة وليقصِّرْ وليُحَلِّلْ ثم ليهُلَّ بالحج ولْيُهْدِ (١)، فمن لم يجد هدياً فليصُمْ ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله ... » (٢).

وكما رأيت من نظم العلامة ابن المقري فأول دم مرتب مقدّر يقع على نسك التمتع بنصّ الآية الكريمة: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}، علة بذلك أنه دم واجب بترك نسك، هذا النسك هو ترك المتمتع الإحرام من ميقات بلده؛ لأنه يحرم بالحج من مكة، ولو أفرد لأحرم من ميقات بلده، فلزمه على ترك هذا الواجب دم.

ومثله دم القران؛ لأنّ القارن، وهو الذي قرن في إحرامه بين الحج والعمرة معاً، إنما ترك بقرانه الإحرام بالعمرة من ميقاتها وهو أدنى الحل لمن كان بمكة، إذ لكل من الحج والعمرة ميقات زماني ومكاني، خاص بهذين النسكين قد يجتمعان، وقد يفترقان والقارن أحرم من ميقات واحد بدل أن يحرم من ميقاتين، تاركاً إحرام العمرة من ميقاتها بعد انقضاء النسك فلزمه ترك هذا الواجب دم.

الدم الثالث الواجب تحت هذا العنوان هو دم الفوات، وقد وجب على الحاج بسبب تركه الوقوف بعرفة التي فاتته لسببٍ ما.


(١) أي ليذبح شاة بسبب تمتعه كما سيأتي بيانه.
(٢) صحيح مسلم (١٢٢٧/ ١٧٤).

<<  <   >  >>