للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بهمز، إلّا أن المهموز يستعمل في العدوّ والمرض معاً بدليل استعمال الإمام النووي له في هذا البحث (١).

والإحصار في اصطلاح الفقهاء خاص بمنع العدو؛ لأن الأصل فيه الحادثة الشهيرة التي جرت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في السنة السادسة للهجرة، في ميقات الحديبية، حال كفار قريش دون وصول المسلمين إلى البيت، فنحر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بُدْنه وحلق رأسه، وهي الحادثة المشهورة التي توسعت لك بها في موطنه من كتاب «الركن الخامس»، وفيها نزل قوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ شَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} .. [البقرة: ١٩٦]

ويؤيده ما ذهب إليه ابن عباس وابن عمر وأنس من أنه في العدو خاصة (٢). قال الإمام ابن العربي من فقهاء المالكية: وهو اختيار علمائنا (٣).

ومن خلال هذه القصة النبوية الشريفة يتبين لك أن الإحصار يقع في الحج، ويقع في العمرة أيضاً؛ لأنّ الحادثة وردت في العمرة، والآية نزلت في كليهما.

فمذهب مالك والشافعي وأحمد أن الإحصار لا يكون إلّا بالعدو أو الفتنة أو الحبس ظلماً، مستدلين بقوله تعالى في الآية السابقة: {فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} .. [البقرة: ١٩٦]؛ لأن الأمن يكون من


(١) انظر نفس المرجع والفصل والصفحة، والجامع لأحكام القرآن الشهير تفسير القرطبي جـ ٢ ص ٣٧٠، وفي القاموس المحيط الحصرُ كالإحصار ثم قال: وأحصره المرض أو البول جعله يحصر نفسه.
(٢) صحيح البخاري، باب النحر قبل الحلق في الحصر، برقم (١٨١١).
(٣) انظر «الجامع لأحكام القرآن» الشهير بتفسير القرطبي جـ ٢ صـ ٣٧٠.

<<  <   >  >>