للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

العدوّ؛ ولأن البيان الإلهي قال: أمنتم ولم يقل برأتم (١)، أي من المرض، مما يدل على أن المرض لا يدخل في الإحصار، وسيأتي (٢).

كما استدلوا بما رواه البخاري عن نافع أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال حين خرج إلى مكة معتمراً في الفتنة (٣): «إنْ صُدِدْتُ عن البيت صنعنا كما صنعنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأهلَّ بعمرة من أجل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان أهلَّ بعمرة عام الحديبية. ثم إنّ عبد الله بن عمر نظر في أمره فقال: ما أمرهما إلّا واحد. فالتفت إلى أصحابه فقال: ما أمرهما إلّا واحد. أشهدكم أني قد أجبت الحج مع العمرة. ثم طاف لهما طوافاً واحداً (٤). ورأى أن ذلك مجزئ عنه، وأهدى» (٥).

وكما ترى فإن الفتنة كانت بين المسلمين، وابن عمر خشي من الحَجَّاج أن يقف مانعاً في وجهه، وهو الذي حاصر مكة بأمر من الخليفة وكلاهما مسلم، وهو ما يؤيد أن الإحصار لا يشترط أن يأتي من جهة الكافر نفسه على غرار ما حدث في الحديبية، وأنه قد يأتي من السلطان المسلم على نحو ما كان يخشاه عبد الله بن عمر أيام الفتنة.


(١) برئ من المرض (وكذا العيب والدين) بالكسر من باب سَلِمَ، وفي لغة أهل الحجاز برأ من المرض بالفتح من باب قطع.
(٢) تفسير القرطبي جـ ٢ صـ ٣٧١، والحج والعمرة .. د. عتر صـ ١٦٢، ونيل الأوطار للإمام الشوكاني جـ ٥ صـ ١٠٩.
(٣) وذلك عندما نزل جيش الحَجَّاج بابن الزبير كما جاء في رواية أخرى للبخاري برقم (٨٠٧) باب: إذا أحصر المعتمر.
(٤) هذا يشهد لمذهب الشافعية ومن وافقهم من أن القِران يُجزئ فيه طواف واحد وسعي واحد.
(٥) صحيح البخاري، باب من قال: ليس على المحصر بدل برقم (١٨١٣).

<<  <   >  >>