للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

لكن إن احتاج المحرمون إلى قتال ليبلغوا مكة فهل يقاتلون؟

إذا كان المانعون كفاراً، وكانت لديهم القدرة على قتالهم، فالأولى لهم ذلك، ليجمع الحاج بين الجهاد ونصرة الإسلام وإتمام النسك (١).

قال الإمام النووي: «وإن احتاجوا إلى قتال فلهم التحلل، ولا يلزمهم القتال سواء كان العدو مسلمين أو كفاراً قليلاً أو كثيراً. لكن إن كان في المسلمين قوة فالأولى أن يقاتلوا الكفار. وإن كان فيهم ضعف فالأولى أن يتحللوا.

ومتى قاتلوا فلهم لبس الدروع والمغافر وعليهم الفدية كمن لبس لحرٍّ أو بَرْد» (٢).

ثم ماذا لولم يمكنهم المضيُّ إلى مكة إلّا بجُعْلٍ من المال يبذلونهم لمن وقف على أذناب الأودية يمنع قوافل الرحمن من الوصول إلى البلدة الحرام إلّا بإلقاء مقدار معلوم؟

هذه المسألة يعود فيها التفصيل السابق:

فإن كان المانع كافراً لم يجب تقديم جُعْلٍ له؛ لما فيه من هوان الإسلام والمسلمين، إلّا أنه جائز مع الكراهة، ولا يحرم كما تحرم الهبة للكفار، وهو المعتمد في فقه السادة الشافعية.

وفي اجتهاد آخرين بذل المال لكافر لا يجب، وهو جائز مع الكراهة.

أما إن كان المانعون مسلمين فلا يبذل المال كذلك وإن قلّ، لكن لا يحرم أيضاً عليهم لو فعلوا. ثم إن القلة هنا ليست على إطلاقها عند متأخري الشافعية،


(١) مغني المحتاج للعلامة محمد الخطيب الشربيني جـ ١ صـ ٥٣٣.
(٢) حاشية العلامة ابن حجر الهيتمي على شرح الإيضاح للنووي صـ ٥٤٧، ٥٤٨.

<<  <   >  >>