للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بل هي بالنسبة لطبيعة النسك، لذلك لا يضر درهم أو درهمان، فهذا مما يتهاون فيه الناس، لاسيما وأن الفريضة هذه طبيعتها الإنفاق فيبذلون هذا ولا يتحللون (١).

قال الإمام النووي: «ولو منعوا ولم يتمكنوا من المضي إلّا ببذل مالٍ، فلهم التحلل، ولا يبذلون المال وإن قلّ، بل يكره البذل إن كان الطالب كافراً؛ لأنّ فيه صغاراً على الإسلام» (٢).

وقال الإمام القرطبي: «ولو سأل الكافر جُعْلاً لم يَجُزْ؛ لأن ذلك وهن في الإسلام» (٣).

وقال الإمام القرطبي في حق المسلم إن كان هو الواقف في طريق مضي الحجاج إلى مكة: «وأما بذل الجعل، فلما فيه من دفع أعظم الضررين بأهونهما، ولأن الحج مما ينفق فيه المال، فيعد هذا من النفقة» (٤).

أي في اجتهاد العلامة القرطبي لابأس ببذل المال للمسلم، وأنه يدخل ضمن نفقة الحج المالية.

والذي نخلص به من كلام الإمامين الكبيرين أنه لا يكره بذلك للمسلم؛ لأن إمامنا النووي نص على الكراهة فيما لو بذل المال لكافر، فدل على أن الكراهة


(١) مغني المحتاج للعلامة الشربيني جـ ١ ص ٥٣٢ - ٥٣٣.
(٢) الحاشية لابن حجر الهيتمي على شرح الإيضاح للنووي ص ٥٤٧.
(٣) الجامع لأحكام القرآن للإمام أبي عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي جـ ٢ ص ٣٧٥.
أقول: هذا الذي أميل إليه ـ إن جاز لمثلي أن يملك حظاً من الاجتهاد والنظر ـ لما في البذل من الهوان الذي لن يقف عند سقفٍ، وسيضاعف بمرور الأعوان، الجُعل يقفون صاغرين ـ لاسمح الله ـ وهم الذين شدّوا رحالهم إلى البيت الحرام لينالوا جرعات من العبودية أعزّة على الكافرين لا يخافون في الله لومة لائم.
(٤) نفس المرجع والجزء والصفحة.

<<  <   >  >>