للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الجراب فبذلك سمّيت ذات النطاقين (١).

قالت: ثم لحق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر بغار في جبل ثور (٢)، فكَمنا (٣) فيه ثلاث ليالٍ، يبيت عندهما عبدُ الله بن أبي بكر وهو غلام شاب ثَقِفٌ (٤) لَقِنٌ (٥)، فيَدَّلج (٦) من عندهما بسحر (٧)، فيصبح مع قريش بمكة كبائت (٨)، فلا يسمع أمراً يُكتادان (٩) به إلَّا وعاه حتى يأتيهما بخبر ذلك حتى يختلط الظلام، ويرعى عليهما عامرُ بنُ فُهَرِة (١٠) مولى أبي بكر مِنحة (١١) من غنم فيُريحهما (١٢) عليهما حين تذهب ساعةٌ


(١) شقّت سيدتنا أسماء بنتُ سيدنا أبي بكر نطاقها نصفين، فشدّت بأحدهما الزاد، واقتصرت على الآخر، فمن ثَمَّ قيل لها ذات النطاقين، وكذا ذات النطاق، وهو أصل النطاقين. والإفراد والتثنية بهذين الاعتبارين. ويبدو أن نطاق الزاد سترته بالنطاق الآخر. انظر فتح الباري صـ ٢٩٤.
(٢) هو الغار الذي نتحدث عنه، والذي ينسب إلى الجبل فيقال: غار ثور. وقد خرجا إليه من بيت الصدّيق مباشرة. قال في فتح الباري صـ ٢٩٤ ـ ٢٩٥: «ذكر الواقدي أنهما خرجا من خوخةٍ في ظهر بيت أبي بكر، وقال الحاكم: تواترت الأخبار أن خروجه كان يوم الاثنين، ودخوله المدينة كان يوم الاثنين، إلا أن محمد بن موسى الخوارزمي قال: إنه خرج من مكة يوم الخميس. قلت: يجمع بينهما بأن خروجه من مكة كان يوم الخميس، وخروجه من الغار كان ليلة الاثنين؛ لأنه أقام فيه ثلاث ليال، فهي ليلة الجمعة وليلة السبت، وليلة الأحد، وخرج في أثناء ليلة الاثنين». أقول: ولتمام الفائدة فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فارق دنياه، والتحق بمولاه ضحوة يوم الاثنين في ١٣ ربيع أول سنة ١١ للهجرة الموافق ٨ يونيو سنة ٦٣٣ م عن ٦٣ سنة قمرية كاملة وثلاثة أيام. انظر «نور اليقين» للمرحوم الشيخ محمد الخضري صـ ٢٦٤.
(٣) أي فاختفيا فيه.
(٤) الثّقِف الحاذق.
(٥) اللَّقِنُ السريع الفهم.
(٦) في مختار الصحاح ادَّلج بتشديد الدال سار من آخر الليل، أما أدْلج فقد سار من أول الليل.
(٧) في مختار الصحاح السَّحَر قُبيل الصبح.
(٨) من بات أي نام أي مثل من نام فيها.
(٩) وفي رواية عند غير البخاري: يُكادان.
(١٠) هو مولى أبي بكر اشتراه فأسلم فأعتقه.
(١١) تطلق على كل شاة، وفي رواية أن الغنم كانت لأبي بكر.
(١٢) الرّواح ضد الصباح، وهو اسم للوقت من زوال الشمس إلى الليل، وهو أيضاً راح يروح، لذلك جاء في رواية موسى بن عقبة: » يروح عليهما كل ليلة فيحلبان، ثم تسرح بكرة فيصبح في رعيان الناس فلا يفطن له «فتح الباري صـ ٢٩٦.

<<  <   >  >>