للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

من العشاء فيبيتان في رِسلٍ ـ وهو لبن مِنحتهما ورضيفهما (١) ـ حتى ينعق (٢) بها عامرُ بنَ فُهرِة بغَلَس (٣)، يفعل ذلك في كلِّ ليلة من تلك الليالي الثلاث.

واستأجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر رجلاً من الدِّيل (٤)، وهو من بني عبد بن عدي هادياً خِرِّيتاً (٥) ـ والخِرِّيتُ الماهر بالهداية (٦) ـ وقد غمس حِلفاً في آل العاص بن وائل السهميّ (٧)، وهو على دين كفار قريش، فدفعا إليه راحِلَتَيْهما، وواعداه غار ثور بعد ثلاث ليالٍ براحلتَيْهما صُبْحَ ثلاث، وانطلق معهما عامرُ بنُ فُهرِة والدَّليل، فأخذ بهم طريق السواحل (٨)» (٩).

إنّ منزلة هذا الغار تأتي من حيث إن القرآن الكريم ذكره بالقصة واللفظ، والسنة الشريفة فصّلته تفصيلاً، وما نخلص إليه من ذلك أن البيان الإلهي يخاطب من


(١) اللبن المرضوف الذي وضعت فيه الحجارة المحماة بالشمس أو النار لينعقد وتزول رخاوته.
(٢) أي يصيح بغنمه؛ لأن النعيق صوت الراعي إذا زجر الغنم.
(٣) الغَلَس في اللغة ظلمة آخر الليل.
(٤) أي ابن الديل بن بكر بن عبد مناة بن كنانة.
(٥) الخِرِّيت هو الدليل الخبير الماهر بطرق المفاوز. واسمه عبد الله بن أرقد، وفي رواية أُرَيْقِدْ، وعند موسى بن عقبة أُرَيقِط بالتصغير وبالطاء. قال في فتح الباري جـ ٧ ص ٢٩٧: » وهو أشهر «.
(٦) هذا مُدْرج من تفسير الزهري.
(٧) أي هو حليفهم، وكانوا إذا تحالفوا غمسوا أيمانهم في دم أو خلوق أو في أي شيء يكون فيه تلويث.
(٨) جاء في فتح الباري جـ ٧ ص ٢٩٧: «وفي رواية موسى بن عقبة فأجاز بهما أسفل مكة ثم مضى بهما حتى جاء بهما الساحل أسفل من عسفان، ثم أجاز بهما حتى عارض الطريق».
(٩) صحيح البخاري برقم (٣٩٠٥).

<<  <   >  >>