للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

المشهد الأول يبدأ ليلاً حين أحاط مسلحوهم بالمنافذ المؤدية إلى دار رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ونظروا من ش ق الباب فوجدوا نائماً في الفراش، فحسبوه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فاطمئنوا إلى أنه - صلى الله عليه وسلم - موجود، وما عليهم سوى انتظار الخروج، ولقد همّوا أن يقتحموا عليه خلوته ويقتلوه أو يقيدوه ليساق للموت لكن انتهى أمرهم إلى الانتظار حتى خرج عليهم عليٌّ كرّم الله وجهه صُبحاً فأخبرهم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد فات ونجا (١)، فاستشاطوا غضباً، فانطلقوا يبحثون عنه في الفجاج والشعاب معتمدين على شبابهم وخيلهم وأهل الخبر فيهم حتى بعثوا في أثرهم قائفَين يقتفيان الأثر، أحدهما كرز بن علقمة الذي أوصلهم بالفعل إلى منطقة الغار قائلاً: هنا اختفى الأثر.

ومع انتشارهم بحثاً عنه - صلى الله عليه وسلم - في الفيافي والقفار يبدأ المشهد الثاني صباحاً.

وفي المشهدين تعريض النفس للموت فداء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

في المشهد الأول كان يمكن أن ينقضوا على الفراش فتزهق روح علي دون أن يدروا ولم يكن ثمة ضوء فيظهر المعالم والبيت منزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

وفي المشهد الثاني كان يمكن أن يهوي أبو بكر من الجبل الشاهق وهو يسير مضطرباً على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تارة أمامه وتارة خلفه وذلك في صعود صعب لا سهل ميسَّر.

في المشهد الأول لحظة خروج عليّ يخبرهم بنجاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صباحاً (٢)،


(١) تفسير القرطبي جـ ٧ ص ١٣٢.
(٢) في رواية موسى بن عقبة عن الزهري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكث بعد الحج بقية ذي الحجة والمحرم وصفر ثم إنّ مشركي مكة اجتمعوا .. ثم ساق الحديث ثم قال: «وباتَ عليٌّ على فراش النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يورّي عنه، وباتت قريش يختلفون في أمره أيهم يهجم على الفراش فيوثقه، فلما أصبحوا إذا هم بعلي قال: فخرجوا يطلبونه في كل وجه». انظر فتح الباري جـ ٧ صـ ٢٩٥.

<<  <   >  >>