وشعورهم بأنه انقضى وقت يتيح لمحمد - صلى الله عليه وسلم - بسبب خديعة علي، كان من المتوقع أن يفرّغوا غيظهم في صدر علي بطعنة خنجر، أو ضربة سيف وهو الذي استدرجهم ليلة بكاملها، لكن الله سلّم.
وفي المشهد الثاني في استبراء الغار، أو إدراك العيون للحبيب وصاحبه، الموت هو أبسط عقاب في هجرة مصيرية بالنسبة لكل من التوحيد والوثنية في مكة على حد سواء.
أما المشهد الثالث فترسمه شجاعة عمر، في إظهاره لعزة المسلم الذي لا يخشى لومة لائم، ولا كيد حاقد على الإسلام والمسلمين.
وهكذا فإن شموع الإسلام أبو بكر عمر عثمان وعلي وسائر الصحابة الكرام هم التضحيات التي أذابت حظوظ نفسها لأجل أن يصل الإسلام إلى البشرية نقياً صافياً سلسبيلاً كما أُنزل، فجزاهم الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.
لكنَّ الذي ذكرته الآية وأكثر من ذكره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو سيدنا أبو بكر - رضي الله عنه -.
أولاً: الآية وثقت حديث الغار بآية نزلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي هذا مزيد خصوصية لأبي بكر أن يحكي القرآن كلاماً دار بين الحبيب وصدّيقه.
ثانياً: أن الآية نسبت الصدّيق إلى الصحبة، ووصفته بالصاحب:«إذ يقول لصاحبه لا تحزن»(١).
ثالثاً: قوله تعالى: {إِن اللَّهَ مَعَنَا} أي بالنصر والرعاية والحفظ والكلاءة. فأبو بكر ناله نصر الله ورعاية ربه وحفظ مولاه، وكلاءة العناية الإلهية بصحبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الغار، وبنص كتاب الله تعالى: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ