للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

يكون بينهم شيء حتى يُسلموا لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد تم حصارهم بالفعل في شعب بني طالب. فالمحصَّب هو الموضع الذي استعلن فيه الكفر في وجه المسلمين، لذلك تعدّدت المواقف النبوية التي تعلن الإيمان وعزّة الإسلام وشعائره في الموقع الذي ارتفع فيه صوت الباطل في وجه الحق الذي نزل به الوحيُ الأمين.

قال لهم ذلك في فتح مكة، وفي يوم النحر من حجة الوداع، وحين أراد حُنَيناً.

روى البخاري في صحيحة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «منزلنا ـ إنْ شاء الله (١)، إذا فتح الله ـ الخَيْفُ (٢) حيث تقاسموا (٣) على الكفر» (٤).

مسجد البيعة:

هو المسجد الذي بني في الموضع الذي تمّت فيه بيعة العقبة الأولى، وبيعة العقبة الثانية. ذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يعرض نفسه على القبائل التي تتوافد إلى البيت الحرام كل عام في موسم الحج، يتلو عليهم كتاب الله، ويدعوهم إلى التوحيد، ويبشرهم إن هم منعوه حتى يبلغ رسالة ربه أن لهم العزة في الدنيا التي يملكون بها العرب، وتذلّ بها العجم، وأن لهم الجنة في الآخرة، وكان يتّبعهم إلى منازلهم في عكاظ وذي المجاز ومجنة فلا يتبعه منهم أحد؛ لأن أبا لهب كان يمضي وراءه يحذر الناس منه يقول: لا تطيعوه فإنه صابئ كاذب، فيردّون على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقبح الردّ ويؤذونه (٥).


(١) المشيئة هنا للتبرك.
(٢) الخَيفُ: مبتدأ مؤخر، خبره: منزلنا.
(٣) أي تحالفوا: والضمير يعود على قريش فيما يعرف بالصحيفة.
(٤) البخاري برقم (٤٢٨٥).
(٥) فقه السيرة د. محمد سعيد رمضان البوطي صـ ١٦٩.

<<  <   >  >>