للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الله عليك فلا رجل أعزّ منك. ثم انصرفوا ووعدوه المقابلة في الموسم المقبل» (١).

عند هذه المحطة الموفقة بدأ منعطف جديد للدعوة الإسلامية على العموم، وفوق ثرى تراب المدينة المنورة على الخصوص؛ لأن النفر الستة صدقوا فيما عاهدوا الله عليه، فأخذوا ينشرون مبادئ الدين الحنيف خلال عام كامل هو زمن غيابهم بين موسمي حج متتابعين، فلما طلع العام الثاني عشر من عهد النبوة وافى موسم البيت الحرام من الأنصار اثنا عشر رجلاً بايعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيعة لا جهاد فيها، أي على نمط ما بايع عليه النساء ثاني يوم الفتح على جبل الصفا، أما هذه البيعة فكانت في منى فيما صار يعرف اليوم بمسجد البيعة والذي يبتعد قرابة ثلاثمائة متر عن جمرة العقبة على يمين النازل من منى إلى مكة المكرمة.

نص البيعة: «تعالوا بايعوني على أن لا تُشركوا بالله شيئاً، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوني في معروف، فمن وفّى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئاً فعوقب به في الدنيا فهو كفارة له، ومن أصاب من ذلك شيئاً فستره الله فأمره إلى الله، إن شاء عاقبه، وإن شاء عفا عنه» (٢).

قال عبادة بن الصامت: فبايعناه على ذلك.

فلما أرادوا الانصراف بعث معهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مصعب بن عمير الذي كان قبل الإسلام أنْعَمَ غلام في مكة، فلما دخل الإسلام، وحمل أمانته، طوى كل أسباب الرفاهية، وتصدّى لنشر دعوة الله بين عباد الله.


(١) فقه السيرة صـ ١٧٠ ـ ١٧١.
(٢) نفس المرجع صـ ١٧٢.

<<  <   >  >>