للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ويتزوَّد لذلك، ثم يرجع إلى خديجةَ، فيتزوَّدُ بمثلها (١)، حتى فَجِئَهُ الحقُّ وهو في غار حراء، فجاءه المَلَكُ (٢) فقال: اقرأ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما أنا بقارئٍ (٣). قال: فأخذني فغطّني (٤) حتى بلغ منّي الجهد، ثم أرسلني فقال: اقرأ، قلتُ: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطَّني الثانية حتى بلغ منّي الجهد، ثم أرسلني فقال: اقرأ، قلتُ: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطَّني حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (٢) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (٣) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (٤) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ عَمِلَتْ (٥)} (٥) [العلق: ١ - ٥].

قالت عائشة رضي الله عنها:

«فرجع بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تَرْجُفُ بوادرُهُ (٦)، حتى دخل على خديجة فقال: زمّلوني، زمّلوني (٧)، فزمّلوه حتى ذهب عنه الرَّوْعُ (٨).

قال لخديجةَ: أيْ خديجةُ، ما لي لقد خَشِيْتُ على نفسي؟ فأخبرها الخبر.


(١) الضمير يعود على الليالي، أو للخلوة أو للعبادة أو للمرات السابقة.
(٢) وفي رواية: فجاءه الملك فيه أي في الغار. فتح الباري جـ ٨ ص ٩١٧.
(٣) قال في فتح الباري: » وقع عند ابن إسحاق في مرسل عُبيد بن عمير أنّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: أتاني جبريل بنمط من ديباج فيه كتاب قال: اقرأ، قلت: ما أنا بقارئ «.
(٤) وفي السيرة لابن إسحاق فغتّني، وهما بمعنى، والمراد غَمَّني، وكل ذلك من الخنق. انظر المرجع المذكور. أما الحكمة من ذلك فسأتعرض له بالشرح بإذن الله.
(٥) ما تبقى من السورة نزل بعد ذلك بزمن، ولم ينزل في الغار.
(٦) وفي رواية عند غير البخاري: » يرجفُ فؤاده «. انظر فتح الباري جـ ٨ ص ٩١٩.
(٧) التزميل التلفيف؛ لأن العادة جرت بسكون الرعدة بالتلفيف، قال ذلك لشدة ما لحقه من هول الأمر.
(٨) هو بفتح الرّاء ومعناه الفزع. أما الذي يأتي بضم الرّاء فهو موضع الفزع في القلب.

<<  <   >  >>