للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قالت خديجة: كلا أبْشِرْ (١)، فوالله لا يُخْزِيكَ (٢) الله أبداً، فوالله إنّك لتصلُ الرَّحِمَ، وتَصدُقُ الحديثَ، وتحملُ الكُلَّ، وتُكْسِبُ المعدومَ، وتَقْرِيْ الضيفَ، وتُعينُ على نوائب الحق.

فانطلَقت به خديجةُ حتى أتَتْ به ورقةَ بن نَوْفل، وهو ابنُ عَمِّ خديجة أخي أبيها، وكان امرءاً تنصَّرَ في الجاهلية، وكان يكتبُ الكتاب العربيَّ، ويكتبُ من الإنجيل بالعربية ما شاء الله أن يكتبَ، وكان شيخاً كبيراً قد عَمِيَ، فقالت خديجة: يا عَم، اسمع من ابن أخيك، قال ورقةُ: يا ابنَ أخي ماذا ترى؟ فأخبرهُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - خبرَ ما رأى، فقال ورقةُ، هذا الناموس الذي أنزل على موسى (٣)، ليتني فيها (٤) جَذَعاً (٥)، ليتني أكون حياً ـ ذكر حرفاً (٦) ـ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أوَمُخْرِجِيَّ هُمْ؟ قال ورقة: نعم، لم يأتِ رجلٌ بما جئتَ إلا أوْذيَ، وإنْ يُدْركني يومُكَ حياً أنْصُرْك نَصْرَاً مؤزَّراً.

ثم لم يَنْشَبْ ورقةُ أن تُوفّيَ وفتر الوحيُ فترة حتى حَزن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» (٧).


(١) قال في فتح الباري جـ ٨ صـ ٩١٩: «قوله (كلا أبشرْ) بهمزة قطع ويجوز الوصل، وأصل البشارة في الخبر. وفي مرسل عبيد بن عمير «فقالت: أبشر يا ابن عم، واثبُت، فوالذي نفسي بيده إني لأرجو أن تكون نبيَّ هذه الأمة».
(٢) الخزي الوقوع في بليّة.
(٣) قال في فتح الباري جـ ٨ صـ ٩٢٠» وقد تقدم في بدء الوحي «أنزل الله» ووقع في مرسل أبي ميسرة: «أبشِرْ فأنا أشهد أنك الذي بشّر به ابنُ مريم، وأنك على مثل ناموس موسى، وأنك نبيّ مرسل ستؤمر بالجهاد» وهذا أصرح ما جاء في إسلام ورقة، أخرجه ابن إسحاق .. ».
(٤) أي أيام الدعوة الإسلامية.
(٥) الجَذَع في الإنسان الشاب.
(٦) جاء هذا الحرف في رواية بدء الوحي (إذْ يخرجك قومك).
(٧) صحيح البخاري برقم (٤٩٥٣).

<<  <   >  >>