للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

حادثة بدء الوحي في غار حراء هي من أهم الفصول التي ترتبط بعقيدة الإنسان المسلم؛ لأنها الأساس الذي يترتب على فهمه والإيمان به جميع الحقائق الإسلامية؛ لأنه ما من مسألة في هذا الدين تدخل في صلب العقيدة أو التشريع، من مصدر القرآن أو السنة إلَّا وهي آتية إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بواسطة أمين الوحي الإلهي جبريل، ومن ثَمَّ يتمُّ تبليغها إلى الأمة.

لأجل هذا عمد من احترف غزوَ الإسلام إلى التشكيك في ظاهرة الوحي حتى يسهل عليهم نقض ما ينبني على أساسها من حقائق، ضمن تخيّلات جانحة لا توجد إلا في أوهام من ابتدعها بلا رصيد علمي، أو توثيق تاريخي فمن قائل إنّها عملية كشف تدريجي أثمرته ليالي التفكّر في حراء! ومن قائل: إنها شيء من الإلهام أو حديث النفس، أو الإشراق الروحي، أو التأملات ومن قائل غير ذلك. والنتيجة أن هناك تمحلاً عجيباً يريد صرف الأنظار إلى أيّ شيء باستثناء أن ذلك من قبيل الإخبار الإلهي بواسطة بريد أمين هو وحي السماء جبريل لماذا؟ لأنهم ببساطة منكرون للرسول والرسالة، محترفون لغزو أمتنا في أفكارها وعقيدتها، لا يروق لهم تلاحم الأمة اليوم على عقيدة الإيمان، وإنما يبهجهم أن تنفضّ الأمة عن كتابها وسنة نبيها، ضمن ردّة تسهّل عليهم قضمها وتغيير هويتها، والإجهاز على ما تبقى من روح فيها. لكن لا، فلتعلم الدنيا أن أمّة الإسلام قد يتأثر بعض أفرادها بسيل جارف من الأفكار الوافدة الهدّامة، لكن الأمة تبقى لا ترتدُّ، ولا تنهار فهي مستعصية على الذوبان. قال عليه الصلاة والسلام: «لا أخشى عليكم أن تعودوا بعدي كفاراً فإنّ الشيطان قد يئس أن يعبد في أرضكم، ولكن أخشى عليكم الدنيا .. ».

ولما لهذا البحث من أهمية بالغة، فإني أُحيل الإجابة عليه من خلال الحديث السابق إلى أستاذنا الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي الذي يقول:

<<  <   >  >>