للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

لا يصح إحرامه بها بعد التحلّلين ما دام مقيماً بمنى للرمي، فإذا نفر من منى النَّفْر الثاني، أو الأول، جاز أن يعتمر فيما بقي من أيام التشريق (١)، لكن الأفضل أن لا يعتمر حتى تنقضي أيام التشريق (٢)» (٣).

وأما الميقات المكاني للعمرة فهو بالنسبة لمن هو خارج مكة كالحج تماماً، فمن كان آفاقياً قادماً من وراء المواقيت المكانية كأبيار علي، أو ذات عرق أو يلملم أو الجحفة أو غيرها فهذه المواقيت هي المواضع التي لا يجوز لمن أراد عمرة أن يتجاوزها إلّا بعد أن يُهل منها بعمرة وهي ذات المسألة التي عالجناها في ميقات الحج لمن أراد حجاً وقد قدم من الآفاق ماراً بأحد مواقيت الحج المذكورة.

ومن كان يقيم بين حدود الحرم المكي وأحد المواقيت المذكورة، كمن يقيم بين مكة وذي الحليفة مثلاً وهي مسافة تتجاوز بطولها، الأربعمائة كيلومتر، فهذا حكمه في العمرة حكم الحج بالضبط فيحرم من حيث أنشأ من القرية التي يسكنها لا يجاوزها بغير إحرام إن قصد من توجهه إلى مكة المكرمة حجاً أو


(١) قال العلامة ابن حجر الهتيمي في حاشيته على شرح الإيضاح ص ٤٢٥: فعلمنا أن الملحظ الصحيح أن الوقت مستحق لبقية النسك فلا يصرف لنسك آخر. وقد دلّ على ما قلناه كلام الشافعي والأصحاب حيث قال - وتبعوه - لو نفر النفر الأول، ثم اعتمر لزمت، لأنه لم يبق عليه للحج عمل. قال أصحابه: ومتى لم ينفر نفراً شرعياً واعتمر في بقية أيام التشريق لم تنعقد؛ لأن ما بقي من مناسك الحج وتوابعه يمنع من الاشتغال بها كالصوم. إذا علمت ذلك ظهر لك أنه لا يصح الإحرام وإن قصد ترك الرمي والمبيت». أقول: والنفر الشرعي يكون بعد زوال شمس اليوم الثاني ورميه كما بسطه ابن حجر بعد ذلك.
(٢) تجوز العمرة بعد انقضاء مناسك النفر من منى، حتى ولو لم يؤدِّ طواف الوداع؛ لأن الوداع كما قال العلامة السبكي آخر أفعال الحج، فلا يمكن تقديمه على العمرة، فجاز وقوع العمرة قبله، وإن كان مقتضى الأمر خلاف ذلك، إن قلنا: الطواف نسك (طواف الوداع) وهو المشهور. انظر نفس المرجع والصفحة.
(٣) انظر نفس المرجع والصفحة.

<<  <   >  >>