للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الإسلامية التي رمزت لها كعبة الله المشرفة في قلب المسجد الحرام، الذي يقف المسلمون اليوم على أبوابه.

هذا الكلام الاستفزازي الذي يطلقه لسان كافر حاقد جاحد بالله ورسوله والكتاب المبين، جاهل بالركائز التي يقوم عليها هذا الدين، لم يتركه الصحابة ليمرّ دون محاسبة، فانبرى أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - صاحب المواقف الرجولية الحاسمة، فردّ هراءه باسم الصحب الكرام جميعاً بالقول الذي لم يكن ينتظره أو يتوقعه:

امصَصْ بظْرَ اللات، أنحن نفر عنه وندعه (١)؟ !

فالتفت عروة قائلاً وقد أدهشه الردّ الجرئء: من ذا؟

قالوا: أبو بكر (٢).

قال عروة: أما والذي نفسي بيده، لولا يد كانت لك عندي (٣) لم أجزك بها، لأجبْتُك (٤).


(١) قال العلامة ابن حجر العسقلاني في الموضع المذكور: ... والبظر بفتح الموحدة وسكون المعجمة قطعة تبقى بعد الختان في فرج المرأة، واللات اسم أحد الأصنام التي كانت قريش وثقيف يعبدونها، وكانت عادة العرب الشتمَ بذلك لكن بلفظ الأم، فأراد أبو بكر المبالغة في سب عروة بإقامة من كان يعبد مقام أمه، وحمله على ذلك ما أغضبه منه من نسبة المسلمين إلى الفرار، وفيه جواز النطق بما يستبشع من الألفاظ لإرادة زجر من بدا منه ما يستحق به ذلك. وقال ابن المنير: في قول أي بكر تخسيس للعدو، وتكذيبهم، وتعريضٌ بإلزامهم من قولهم: إنّ اللات بنتُ الله! تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً، بأنها لو كانت بنتاً لكان لها ما يكون للإناث.
(٢) وفي رواية ابن إسحاق: فقال: من هذا يا محمد؟ قال: هذا ابنُ أبي قحافة.
(٣) اليد هي أن المغيرة بن شعبة كان قد قتل قبل إسلامه ثلاثة عشر رجلاً، فودى له عروة المقتولين، فأعانه أبو بكر فيها بعون حسن.
(٤) وزاد ابن إسحاق: ولكن هذه بها أي جازاه بعدم إجابته عن شتمه، عن يده التي كان قد أحسن إليه بها.

<<  <   >  >>