الموضع الثاني هو في بيانه حول هذه الصورة مباشرة وفيها يقول في صـ ٣٥١ وما بعدها: حدثني صديق أُجلّه أن رجلاً عمد إلى الصفحة التي فيها كلام عروة هذا، من كتابي هذا: فقه السيرة فاستنسخ منها ما شاء من الصور بالـ (فوتوكوبي) وجعل يدور بها على الناس، متخذاً منها وثيقة اتهام، بل انتقاص لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -! ... وأقول: أمّا ما عمد إليه هذا الرجل من استكثاره لهذه الصفحة التي تضمنت هذا البيان، ونشرها في الناس، ولفْت انتباههم إلى ما قد دلّت عيه، فلا ريب أنه مشكور على ذلك ومأجور، لو خلصت النية وصفا القصد .. فإنّ عمله هذا ليس إلّا تأكيداً لحقيقة ثابتة قد يجهلها كثير من الناس اليوم، ألا وهي شدة تعظيم الصحابة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والمبْلغ الذي بلغه حبهم العجيب له! .. وما أكثر الألغاز الجاثمة التي تتحدى العقل، في معالم الفتح الإسلامي وأحداثه، لو لم يفسرها هذا الحب العظيم الذي هيمن على مجامع القلوب، وامتد إلى أغوار النفوس، والذي جاء ثمرة اليقين العقلي الجازم بأنَّ محمداً - صلى الله عليه وسلم - هو رسول الله ورحمته المهداة إلى الناس أجمعين. وأما ما قصد إليه هذا الإنسان، من وراء ذلك، من تشويه مكانة محمد - صلى الله عليه وسلم - في القلوب، وإظهاره في أعين الناس في مظهر المدِلِّ على أصحابه، المتلذذ برؤية هذا الذي يتسابقون إليه، وإبرازه في صورة الثقيل السمج، دأْبه أن يُريَ الناس من نفسه ما كان خليقاً به أن يستره عنهم، يروضهم بذلك على حبه والاستئناس بكل ما قد يتصل به أو ينفصل عنه .. =