للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قال: بلى.

قلتُ: ألسنا على الحق، وعدوُّنا على الباطل؟

قال أبو بكر: بلى.

قلتُ: فلم نعطي الدنيَّة في ديننا إذاً.

قال أبو بكر: أيها الرجل، إنه لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وليس يعصي ربه، وهو ناصره فاستمسكْ بغَرزه (١) فوالله إنه على الحق.

قلت: أليس كان يحدّثنا أنا سنأتي البيت، ونطوف به؟ .

قال: بلى، أفاخبرك أنك تأتيه العام؟

قلت: لا قال: فإنك آتيه ومطوف به.

قال الزهريُ: : قال عمر: فعملتُ لذلك أعمالاً (٢).


= ما أجابه النبي الله - صلى الله عليه وسلم - سواء، دلالة على أنه كان أكمل الصحابة وأعرفهم بأحوال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأعلمهم بأمور الدين وأشدهم موافقة لأمر الله تعالى. وقد وقع التصريح في هذا الحديث بأن المسلمين استنكروا الصلح المذكور، وكان رأي عمر في ذلك، وظهر من الفضل أن الصديق لم يكن في ذلك موافقاً لهم، بل قلبه على قلب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سواء ...
(١) الغَرْزُ للإبل بمنزلة الركب للفرس، والمراد: فاستمسك بأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، واترك مخالفته، تماماً كالذي يمسك بركب الفارس فلا يفارقه.
(٢) أي أعمالاً من الذهاب والمجيء، والجواب في طلب كشف ما خفي عليه من خطوات هذه المعاهدة التي لا تتماشى ظاهراً مع القوة التي يملكها المسلمون آنذاك وهم على أبواب مكة، والتي ربما تخولهم لاقتحامها عنوة إن أبت قريش دخولهم معتمرين، وهو القوي العزيز الصادق في نصرة دينه، الحريص على عزة المسلمين وإذلال الكفار والمشركين. فالباعث لسيدنا عمر على أعماله تلك لم ينبع من مكمن شك، حاشاه، وهو الراسخ في دينه.

<<  <   >  >>