قال البيضاوى في قوله تعالى: فَيَنْسَخُ اللَّهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ: «فيبطله ويذهب به، بعصمته عن الركون إليه، والإرشاد إلى ما يريحه» . (انتهى كلام البيضاوي) .
فقوله (بعصمته عن الركون إليه) إلى اخره هو محل الإشارة إلى الجواب كما يفهم بالتأمل ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آياتِهِ قال البيضاوي: ثم يثبّت آياته الداعية إلى الاستغراق في أمر الآخرة وَاللَّهُ عَلِيمٌ بأحوال الناس حَكِيمٌ بما يفعله بهم، قال البيضاوي:«حدّث نفسه بزوال المسكنة فنزلت، وقيل تمنى لحرصه على إيمان قومه أن ينزل عليه ما يقرّبهم إليه، واستمر به ذلك حتّى كان في ناديهم، ونزلت عليه سورة «والنجم» فأخذ يقرأها فلما بلغ وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى [النجم:
٢٠] وسوس إليه الشيطان حتّى سبق لسانه سهوا إلى أن قال: «تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجي» ، ففرح به المشركون حتّى تابعوه بالسجود لمّا سجد في اخرها أى اخر سورة النجم، بحيث لم يبق في المسجد مؤمن ولا مشرك إلا سجد، ثم نبّأه جبريل عليه السلام، فاغتمّ لذلك، فعزّاه أى سلاه الله بهذه الاية.
وهو (أى ما ذكر من قوله سبق لسانه سهوا وقوله تلك الغرانيق.. إلخ) مردود عند سائر المحققين «١» . وإن صحّ فابتلاء يتميز به الثابت على الإيمان عن المتزلزل فيه، وقيل: تَمَنَّى أى قرأ؛ كقول حسان رضى الله عنه:
تمنّي كتاب الله أوّل ليلة ... تمنّي داود الزبور علي رسل
[الرّسل: الترتيل في القراءة بتؤدة وسكينة من غير سرعة، وضمير «تمني» فى البيت لعثمان رضى الله عنه، وأمنيته: قراءته] .
وإلقاء الشيطان فيها أن يتكلم بذلك رافعا صوته بحيث يظن السامعون أنه من قراءة النبى صلّى الله عليه وسلّم.
وقد ردّ أيضا بأنه يخلّ بالوقوف على القران، ولا يندفع بقوله: فَيَنْسَخُ اللَّهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آياتِهِ [الحج: ٥٢] لأنه أيضا يحتمله، وبأن الاية على
(١) وهذا هو الصحيح، وما قيل فهو كذب وزور وبهتان على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لأنه مرسل لهدم هذه الغرانيق والأصنام، وهو من ضلال المضللين وافتراء الكذابين كما سبق أن قلنا.