للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا التفسير تدل على جواز السهو على الأنبياء وتطرّق الوسوسة إليهم سيأتى ردّه فى عبارة الشهاب لِيَجْعَلَ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ [الحج: ٥٣] علة لتمكين الشيطان منه، وذلك يدل على أن الملقى أمر ظاهر عرفه المحقّ والمبطل فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ شك ونفاق وَالْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ المشركين وَإِنَّ الظَّالِمِينَ يعنى الفريقين، فوضع الظاهر موضع ضميرهم، قضاء عليهم بالظلم لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ عن الحق، أو عن الرسول والمؤمنين. (انتهى كلام البيضاوي) .

قال الشهاب: قوله «سبق لسانه سهوا» هذا غير صحيح؛ لأنه صلّى الله عليه وسلّم محفوظ عن السهو بما يخالف الدين والشرع؛ لأن التكلم بما هو كفر سهوا أو نسيانا لا يجوز على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام؛ وإذا سها صلّى الله عليه وسلّم في صلاة ونحوها كان تشريعا، حتى قال بعض العلماء: إن سجدة السهو في حقه صلّى الله عليه وسلّم سجدة شكر، وقول البيضاوى في عبارته المتقدمة: «وهو مردود عند المحققين» ، قال الشيخ زادة:

يعنى أن جماعة من المفسرين وإن قالوا إن هذه الايات نزلت تسلية له عليه الصلاة والسلام في اغتمامه بما سبق لسانه سهوا من حديث الغرانيق، إلا أنّ رؤساء أهل السنة والجماعة ردّوا هذا القول، وقالوا: هذه الرواية باطلة موضوعة، واحتجوا عليه بالقران العظيم والسنة والمعقول:

أما القران فمنه قوله تعالى: وَلَوْ تَقَوَّلَ [الحاقة: ٤٤] أى النبى صلّى الله عليه وسلّم بأن كلّف نفسه أن يقول مرة في الدهر كذبا عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ أى التى لم نقلها، أو قلناها ولم نأذن له فيه، لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ أي: بالقوة والقدرة، ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ أى نياط القلب، وهو يتصل من الرأس، إذا انقطع مات صاحبه.

ومنه أيضا قوله تعالى: قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ. [يونس: ١٥] ومنه قوله تعالى: وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى (٤) [النجم: ٣، ٤] . فلو أنه عليه الصلاة والسلام قرأ عقيب هذه الاية قوله: [تلك الغرانيق العلي] لما ظهر صدق الله تعالى في جميع ذلك، وذلك لا يقول به مسلم.

وأما السنة: فهو أنه روى عن محمد بن خزيمة أنه سئل عن هذه القصة فقال:

هذا من وضع الزنادقة، وصنّف فيه كتابا.